للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قلنا: لكن الإسلام لم يُبطِل ترتُّبَ آثارها عليها قبله، فيجب أن لا يبطل ترتبُ آثار النكاح عليه من الطلاق والظهار والإيلاء.

وأما استدلالكم بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "أيُّما امرأةٍ نكحتْ نفسها بدون إذن وليها فنكاحها باطلٌ" فهذا عجبٌ منكم، فإنها لو زوَّجها الولي كان النكاح فاسدًا عندكم. فإن قلتم: الولي الكافر كلا ولي، قيل: نعم، هذا في نكاح المسلمة، فأما الكافرة فقد قال تعالى: {وَاَلَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} [الأنفال: ٧٣].

وأما قوله - صلى الله عليه وسلم -: "كلُّ عملٍ ليس عليه أمرنا فهو ردٌّ" ففي غاية الصحة، والاستدلال به ضعيفٌ من وجوهٍ:

أحدها: أن هذا في حق المسلمين، وأما الكفار فإنا لا نردُّ عليهم كل ما خرج عن أمره - صلى الله عليه وسلم -، فإنا نُقِرُّهم على عقودهم التي يعتقدون صحتها، وإن لم تكن على أمر النبي - صلى الله عليه وسلم -.

الثاني: أن إقرار الله تعالى ورسوله - صلى الله عليه وسلم - لهم على أحكام هذه الأنكحة هو من أمر الشارع، ولا جَرمَ ما كان منها على غير أمره فهو ردٌّ، كنكاح المحارم وما لا يعتقدون صحته، فأما ما اعتقدوا صحته فإقرارهم عليه من أمره.

الثالث: أن هذا لا يمكن أن يُستدلَّ به على بطلان أنكحتهم، كما لم يُستدل به على بطلان عقود معاوضاتهم التي يعتقدون صحتها وإن وقعت على غير أمره.

وأما استبراء الحربية بحيضةٍ إذا سُبيت، وحكمُنا بزوال النكاح، فليس