للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كان النساء يفعلن في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - كزينب ابنته وغيرها، ولكن لا تُمكِّنه من وطئها، ولا حكمَ له عليها ولا نفقةَ ولا قسْمَ، والأمر في ذلك إليها لا إليه، فليس هو في هذه الحال زوجًا مالكًا لعصمتها من كل وجهٍ، ولا يحتاج إذا أسلم إلى ابتداء عقدٍ يحتاج فيه إلى ولي وشهودٍ ومهرٍ وعقدٍ، بل إسلامه بمنزلة قبوله للنكاح، وانتظارها بمنزلة الإيجاب.

وسرُّ المسألة أن العقد في هذه المدة جائزٌ لا لازمٌ، ولا محذورَ في ذلك، ولا ضررَ على الزوجة فيه، ولا يناقض ذلك شيئًا من قواعد الشرع.

وأما الرجل إذا أسلم، وامتنعت المشركة أن تُسلم، فإمساكه لها يضرُّ بها، ولا مصلحةَ لها فيه، فإنه إذا لم يقم لها بما تستحقه كان ظالمًا، فلهذا قال تعالى: {وَلَا تُمَسِّكُوا بِعِصَمِ اِلْكَوَافِرِ} [الممتحنة: ١٠]، فنهى الرجال أن يستديموا نكاحَ الكافرة، فإذا أسلم الرجل أُمِرتْ امرأته بالإسلام، فإن لم تُسلِم فرق بينهما.

قال شيخنا: وقد يقال: بل هذا النهي للرجال ثابتٌ في حقّ النساء، ويقال: إن قضية زينب منسوخةٌ، فإنها كانت قبل نزول آية التحريم لنكاح المشركات، وهذا مما قاله طائفةٌ منهم محمد بن الحسن.

قلت: وهذا قاله غير واحدٍ من العلماء. قال أبو محمد بن حزمٍ (١): أما خبر زينب فصحيح، ولا حجة فيه، لأن إسلام أبي العاص كان قبل الحديبية،


(١) "المحلى" (٧/ ٣١٥).