للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولم يكن نزلَ بعدُ تحريمُ المسلمة على المشرك. وكذلك قال البيهقي (١).

قال شيخنا: لكن يقال: فهذه الآية كانت قبل فتح مكة بعد الحديبية، ثم لما فُتح مكة ردَّ نساءً كثيرًا على أزواجهن بالنكاح الأول، لم يُحدِث نكاحًا، وقد احتبس أزواجهن عليهن (٢)، ولم يأمر رجلًا واحدًا بتجديد النكاح البتة. ولو وقع ذلك لنُقِل، ولما أهملت الأمة نقْلَه.

قلت: وبهذا يُعلم بطلان ما قاله أبو محمد بن حزمٍ، فإنه قال (٣): ولا سبيلَ إلى خبرٍ صحيح بأن إسلام رجل تقدَّم على إسلام امرأته، أو تقدَّم إسلامها عليه، وأقرهما على النكاح الأول، فإذْ لا سبيلَ إلى هذا فلا يجوز أن يطلق على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، لأنه إطلاق الكذب والقول بغير علمٍ.

قال (٤): فإن قيل: قد روي أن أبا سفيان أسلم قبل هند، وامرأة صفوان أسلمت قبل صفوان. قلنا: من أين لكم أنهما بقيَا على نكاحهما فلم يجدِّدا عقدًا؟ وهل جاء ذلك قطُّ بإسناد صحيح متصلٍ إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه عرف ذلك فأقرَّه؟ حاشَ لله من هذا. انتهى كلامه.


(١) كذا قال المؤلف، ولكن كلام البيهقي في "السنن الكبير" (٧/ ١٨٨) و"الخلافيات" (٦/ ١١٢) أنه لم يلبث إلا يسيرًا بعد نزول التحريم حتى أُسر فأُتي به إلى المدينة فأظهر إسلامه، "فلم يكن بين توقُّف نكاحِها على انقضاء العدة وبين إسلامه إلا اليسير"، أي: إنه أسلم قبل أن تنقضي عدَّتها بعد نزول التحريم.
(٢) في الأصل: "عليهم" تحريف.
(٣) "المحلى" (٧/ ٣١٥).
(٤) أي ابن حزم، والكلام متصل بما قبله.