للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال: الناسخ له قوله تعالى: {لَا هُنَّ حِلٌّ لَّهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ} [الممتحنة: ١٠]، فيقال: هذه الآية نزلت في قصة صلح الحديبية باتفاق الناس، وردُّ زينب على أبي العاص كان بعد ذلك لما قدم من الشام في زمن الهدنة، ولهذا قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لزينب: "أَكرِمي مَثْواه، ولكن لا يصلُ إليك"، امتثالًا لقوله تعالى: {لَا هُنَّ حِلٌّ لَّهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ}. ثم ذهب أبو العاص إلى مكة، فردَّ الودائع والأمانات التي كانت عنده، ثم جاء فأسلم، فردَّها عليه بالنكاح الأول.

وقوله: "إن ذلك كان قبلَ أن تنزل الفرائض" لم يُرِد به فرائض الإسلام، فابن شهابٍ أعلم وأجلُّ من أن يريد ذلك، والظاهر أنه إنما أراد فريضة تحريم نكاح المشرك والمشركة.

وأقصى ما يقال: أن ردَّ زينب على أبي العاص ونزول آية التحريم كانا في زمن الهدنة، فمن أين يُعلم تأخُّر نزول الآية عن قصة الزوجين لتكون ناسخةً لها؟ ولا يمكن دعوى النسخ بالاحتمال.

وأما قول قتادة: كان هذا قبل أن تنزل سورة براءة بقطع العهود بين المسلمين والمشركين= فلا ريبَ أنه كان قبل نزول براءة، ولكن أين في سورة براءة ما يدل على إبطال ما مضت به سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من حين بُعِث إلى أن توفَّاه الله تعالى من عدم التفريق بين الرجل والمرأة، إذا سبق أحدهما بالإسلام؟ والعهود التي نبذها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى المشركين هي عهود الصلح التي كانت بينه وبينهم، فهي براءةٌ من العقد والعهد الذي كان بينه وبينهم، ولا تعرُّضَ فيها للنكاح بوجهٍ من الوجوه. وقد أكد الله سبحانه