للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

شعيبٍ عندنا صحيح. انتهى كلامه (١).

قلت (٢): أما كونها لم تَحِضْ في تلك السنين الست إلا ثلاثَ حِيَضٍ، فهذا مع أنه في غاية البعد، وخلاف ما طبع الله عليه النساء، فمثله لو وقع لَنُقِل، ولم ينقل ذلك أحدٌ، ولم يحدّ النبي - صلى الله عليه وسلم - بقاء النكاح بمدة العدة حتى يقال: لعل عدتها تأخرت، فلا التحديدُ بالثلاث حيضٍ ثابتٌ، ولا تأخُّرُها ست سنين معتادٌ.

وأما ادعاء نسخ الحديث فأبعدُ وأبعدُ، فإن شروط النسخ منتفيةٌ، وهي وجود المعارض ومقاومته وتأخُّره، فأين معكم واحدٌ من هذه الثلاثة؟

وأعجب من هذا دعوى أن يكون الناسخ قوله تعالى: {وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ} [البقرة: ٢٢٦]، فإن هذا في المطلَّقات الرجعيات بنص القرآن واتفاق الأمة. ولم يقل أحدٌ: إن إسلام المرأة طلقةٌ رجعيةٌ يكون بعلُها أحقَّ بردها في عدتها، والذين يحكمون بالفرقة بعد انقضاء العدة لا يوقعونها من حين الإسلام، بخلاف الطلاق فإنه ينفُذ من حين التطليق، ويكون للزوج الرجعةُ في زمن العدة.

وأما قول الزهري: إن هذا كان قبل أن تنزل الفرائض، فكأنه أراد أن الحديث منسوخٌ. فيقال: وأين الناسخ له (٣) من كتاب الله أو سنة رسوله؟ فإن


(١) أي كلام ابن عبد البر في "الاستذكار".
(٢) من هنا مناقشة المؤلف لكلام ابن عبد البر.
(٣) "له" ساقطة من المطبوع.