للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واحدٍ البتةَ، وأرفعُ ما فيه قول الزهري الذي رواه مالك عنه في "الموطأ" (١)، ولفظه: أن أم حكيم بنت الحارث بن هشامٍ أسلمت يومَ الفتح بمكة، وهربَ زوجُها عكرمة بن أبي جهل من الإسلام حتى قدِمَ اليمن، فارتحلت أم حكيمٍ حتى قدِمتْ على زوجها باليمن، ودَعتْه إلى الإسلام فأسلم، وقدِمَ على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فبايعه، فثبَتا على نكاحهما ذلك.

قال ابن شهابٍ: ولم يبلغنا أن امرأةً هاجرت إلى الله وإلى رسوله، وزوجها كافرٌ مقيمٌ بدار الكفر، إلا فرَّقَت هجرتُها بينها وبين زوجها، إلا أن يَقْدَم زوجُها مهاجرًا قبل أن تنقضي عدَّتُها. وأنه لم يبلغنا أن امرأةً فُرِّق بينها وبين زوجها إذا قَدِم وهي في عدَّتها (٢). فلا يُعرف في اعتبار العدة غيرُ هذا الأثر.

وأما قوله: "إنه ردَّها على النكاح الأول، أي: على مثل الصَّداق الأول"، فلا يخفى ضعفه وفساده، وأنه عكس المفهوم من لفظ الحديث، وقولُه: "لم يُحدِثْ شيئًا" يأباه. ونحن نذكر ألفاظ الحديث لنبيِّن أنها لا تحتمل ذلك:

ففي "المسند" و"السنن" (٣) من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - أن النبي


(١) رقم (١٥٦٨).
(٢) رواه مالك في "الموطأ" برواية يحيى الليثي (١٥٦٧) دون الجملة الأخيرة، فهي في "الموطأ" برواية ابن بكير (ق ٢٦٥ - نسخة جامعة اسطنبول). ومن طريق ابن بُكير عن مالك أخرجه البيهقي في "السنن" (٧/ ١٨٧) و"الخلافيات" (٦/ ١١٠). وأسنده عبد الرزاق (١٢٦٤٦) عن معمر عن ابن شهاب بنحوه.
(٣) "مسند أحمد" (١٨٧٦) و"سنن أبو داود" (٢٢٤٠)، وقد سبق تخريجه موسَّعًا.