للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أحدهما: أنه لو قدِّر تقدُّم ذلك فدعوى المدَّعي أن هذا منسوخٌ تحتاج إلى دليلٍ.

الوجه الثاني: أن يقال: فقد أسلم الناس ودخلوا في دين الله أفواجًا بعد نزول تحريم المشركات، ونزول النهي عن التمسك بعِصَم الكوافر، فأسلم الطُّلقاء بمكة وهم خلقٌ كثيرٌ، وأسلم أهل الطائف وهم أهل مدينة، وكان إسلامهم بعد أن حاصرهم ونصب عليهم المنجنيق ولم يفتحها، ثم قسم غنائم حنينٍ بالجِعرانة، واعتمر عمرة الجعرانة، ثم رجع بالمسلمين إلى المدينة، ثم وفدَ وفدُ الطائف فأسلموا، ونساؤهم بالبلد لم يسلمن، ثم رجعوا وأسلم نساؤهم بعد ذلك. فمن قال: إن إسلام أحد الزوجين قبل الآخر يوجب تعجيلَ الفرقة قبل الدخول أو بعده، فقوله مقطوعٌ بخطئه.

ولم يسأل النبي - صلى الله عليه وسلم - أحدًا ممن أسلم: هل دخلتَ بامرأتك أم لا؟ بل كل من أسلم وأسلمت امرأته بعده فهي امرأته من غير تجديد نكاحٍ. وقد قدِمَ عليه وفود العرب، وكانوا يسلمون ثم يرجعون إلى أهليهم، فيسلم نساؤهم على أيديهم بعد إسلام أزواجهن، وبعث عليًّا ومعاذًا وأبا موسى إلى اليمن، فأسلم على أيديهم من لا يحصيهم إلا الله من الرجال والنساء، ومعلومٌ قطعًا أن الرجل كان يأتيهم فيسلم قبل امرأته، والمرأة تأتيهم فتسلم قبل الرجل، ولم يقولوا لأحدٍ: ليكن تلفظُك وتلفظُ امرأتك بالإسلام في آنٍ واحدٍ، لئلا ينفسخ النكاح، ولم يفرِّقوا بين من دخل بامرأته وبين من لم يدخل، ولا حدُّوا ذلك بثلاثة قروءٍ، ثم يقع الفسخ بعدها، بل علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - ــ وقد باشر ذلك بنفسه مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وفي غيبته عنه ــ قد قال: