للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأختين، وبأن العقد على الخمس في حال الشرك لا يخلو من أحد أمرين: إما أن تقولوا: إنه صحيح أو فاسدٌ، ولا يجوز أن يقال: إنه صحيح، إذ لو كان كذلك لم يجز نقضُه بعد الإسلام، فثبت أنه فاسدٌ، وإذا كان فاسدًا لم يصحِّحه الإسلام، كنكاح ذوات المحارم.

قالوا: ولأنه عقد على عددٍ محرمٍ، فلا يثبت فيه التخيير، كعقد السلم.

قالوا: وأما الحديث، فنحن أول آخذٍ به، إذ المراد بقوله: "اختَرْ منهن أربعًا" تعقد عليهن عقدًا جديدًا. وكذلك قوله في الأختين: "اختَرْ أيتَهما شئتَ"، إنما هو تخيير ابتداءٍ لا تخيير استدامةٍ، لما ذكرنا من الأدلة. ولو كان تخيير استدامةٍ لاحتملَ أن يكون غيلان عقد عليهن في الحال التي كان يجوز فيها العقد على أكثر من أربع، وذلك في أول الإسلام، فإن القصر على أربع إنما وقع في سورة النساء وهي مدنيةٌ بالاتفاق. سلَّمنا انتفاء ذلك، فيجوز أن يكون النبي - صلى الله عليه وسلم - قد علم صورة الحال، وأنه تزوجهن في عقد واحدٍ، فأمره أن يختار منهن أربعًا يبتدئ نكاحهن، ولا سبيل إلى العلم بانتفاء هذا.

قال المصححون: الآن اشتدَّ اللزام، واحتدَّ الخصام، ووجب التحيُّز إلى فئة الحديث الذين قصْدُهم الانتصار له، أين كان ومع من كان.

قالوا: أما احتجاجكم بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "فأَعْلِمْهم أن لهم ما للمسلمين" (١) فما أصحَّه من حديث! وما أضعَفَه من استدلالٍ! وهل نازع في هذا مسلم


(١) أخرجه النسائي (٨٦٢٧) من حديث بريدة، وأصله في "صحيح مسلم" (١٧٣١) بمعناه.