ولأنه لو أسلم الوثني قبل الدخول انفسخ النكاح بعد الحكم بصحته. ولأن تغييره بعد الإسلام إنما هو إلزامٌ، ولا يمتنع أن يوجب الإسلام إزالة أشياء لم تكن حال الكفر، كالعبادات.
وعندي جوابٌ آخر: وهو أن العقد الذي وقع في حال الكفر ــ على هذا الوجه ــ لا يُحكم له بصحةٍ ولا فسادٍ، بل يُقَرّون عليه كما يقرّون على كفرهم، فإن استمرُّوا على الكفر لم نتعرض لعقودهم، وإن أسلموا حُكِم ببطلان ما يقتضي الإسلام بطلانَه من حين الإسلام، لا قبل ذلك، كالحكم في سائر عقودهم من بياعاتهم وغيرها، فما كان قبل الإسلام فهو عفوٌ لا نحكم له بأحكام الإسلام، قال الله تعالى:{يَاأَيُّهَا اَلَّذِينَ ءَامَنُوا اُتَّقُوا اُللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ اَلرِّبَوا}[البقرة: ٢٧٧]، فأمر بترك ما بقي دون ردِّ ما قبض، ولم يكن صحيحًا بل كان عفوًا، كما قال سبحانه:{فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ}[البقرة: ٢٧٤]، فجعل له ما سلف من الربا وإن لم يكن مباحًا له، وكذلك سائر العقود له ما سلف منها، ويجب عليه ترك ما يحرمه الإسلام. وهذه الآية هي الأصل في هذا الباب جميعه، فإنه تعالى لم يُبطِل ما وقع في الجاهلية على خلاف شرعه، وأمر بالتزام شرعه من حين قام الشرع. ومن تأملَ حكم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في باب أنكحة الكفار إذا أسلموا عليها وجده مشتقًّا من القرآن مطابقًا له.
وأما قولكم: إنه عقد على أكثر من أربع، فلم يصح فيه التخيير كعقد السلم= فهل في القياس أفسدُ من هذا؟ وهل يمكن أحدًا أن يطرد هذا القياس