فيفسخَ كلَّ نكاحٍ وقع في الشرك، وكلَّ بيعٍ وكل إجارةٍ وكل عقدٍ لم يستوفِ شروطه في الإسلام، كالنكاح بلا ولي ولا شهودٍ ولا مهرٍ، وكلَّ عقد فاسدٍ وقع فيه التقابض؟!
وأما قولكم: إنكم أول من أخذ بالحديث= فكلَّا، بل أول من تلطَّف في ردِّه بما لا يُردُّ به، وما تأولتم به الحديث من أن المراد به تخييره في ابتداء العقد على من شاء منهن= باطلٌ لوجوهٍ:
أحدها: قوله في بعض ألفاظه: "أمسِكْ أربعًا وفارِقْ سائرهن"، وهذا يقتضي إمساكهنَّ بالعقد الأول، كما قال تعالى:{وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ}[الأحزاب: ٣٧]، وقوله:{فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ}[البقرة: ٢٢٧]، ولا يُعقل الإمساك غير هذا.
فإن قلتم: يعني "أمسِكْ أربعًا منهن": تزوَّجْ أربعًا، خرج اللفظ عن القياس إلى الإلغاز واللبس الذي يتنزَّه عنه كلام المبيِّن عن الله.
الثاني: أنه جعل الإمساك والاختيار [إليه](١)، ولو كان المراد به العقد لكان الاختيار إليهن لا إليه؛ لأنه لا يعقد عليهن إلا برضاهن.
الثالث: أنه أمره بالاختيار، وذلك واجبٌ عليه، ولو كان المراد تجديد العقد لم يجب عليه. ولهذا لو أبى الاختيار أجبره عليه الحاكم، فإن امتنع ضربه حتى يختار لأنه واجبٌ عليه.