للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المشركون على منزلتين من النبي - صلى الله عليه وسلم - والمؤمنين: [كانوا] مشركي (١) أهل حربٍ يقاتلهم ويقاتلونه، [ومشركي أهل عهدٍ لا يقاتلهم ولا يقاتلونه. وكان إذا] هاجرت (٢) امرأةٌ من أهل الحرب لم تُخطَب حتى تحيض وتطهر، فإذا طهرت حلَّ [لها] النكاح، فإن هاجر زوجها قبل أن تنكح رُدَّت إليه.

فهذا هو الفصل في هذه المسألة، وهو الصواب.

وليس هذا الحيض هو العدة التي قدَّرها كثيرٌ من الفقهاء أجلًا لانقضاء النكاح، بل هو استبراءٌ بحيضةٍ تحلُّ بعدها للأزواج، فإن شاءت نكحت، وإن شاءت أقامت وانتظرت إسلام زوجها، فمتى أسلم فهي امرأته انقضت العدة أو لم تنقضِ. هذا الذي كان عليه أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهو الصواب بلا ريبٍ.

قالت الحنفية: مَرُّ الظهران لم تكن صارت من بلاد الإسلام لأنها قريبةٌ من مكة، وهي كانت دار حربٍ، فكان حكم ما قرب منها حكمها إلى أن استولى النبي - صلى الله عليه وسلم - على مكة وقهر أهلَها وغلبهم، فصارت هي وما حولها من دار الإسلام، فثبت بهذا أن أبا سفيان أسلم في دار الحرب، فلم تختلف به وبامرأته الدارُ.

قال الجمهور: أبو سفيان أسلم بمرِّ الظهران عند النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقد نزلها والمسلمون الذين معه وثبتتْ أيديهم عليها، وجرتْ أحكام الإسلام فيهم، وإذا كان كذلك كانت من دار الإسلام، وكانت في ذلك بمنزلة المدينة وسائر


(١) في الأصل: "مشركوا". والمثبت من البخاري.
(٢) في الأصل: "وإذا كانت إذا هاجرت". والمثبت من البخاري.