قالت الحنفية: ولا حجة لكم في هروب عكرمة بن أبي جهل يوم الفتح، وصفوان بن أمية إلى اليمن أو الطائف أو الساحل، حتى وافاهما نساؤهما، وأخذن (١) لهما الأمان، فإن مكة لما فُتحت صار ما قرب منها من دار الإسلام، فساحل البحر قريبٌ منها. والطائف وإن كانت دار كفرٍ إذ ذاك، فليس في القصة أنه وصل إليها بل قصدها، ولعله لم يخرج من دار الإسلام، ولم يصل إليها.
وأما اليمن فإنها كانت قد صارت دار إسلام، وأقرَّ أهل الكتاب منهم بالجزية، وأما عبَّاد الأوثان فأسلموا على يد علي ومعاذٍ وأبي موسى، فلم تختلف الدار بين هؤلاء وبين نسائهم.
قال الجمهور: دار الإسلام هي التي نزلها المسلمون، وجرت عليها أحكام الإسلام، وما لم تجرِ عليه أحكام الإسلام لم يكن دار إسلام وإن لاصَقَها، فهذه الطائف قريبةٌ إلى مكة جدًّا، ولم تصر دار إسلام بفتح مكة، وكذلك الساحل.
وأما اليمن فلا ريبَ أنه كان قد فشا فيهم الإسلام، ولم يستوثق كلّ بلادها بالإسلام إلا بعد وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم - في زمن خلفائه، ولهذا أتوا بعد موت النبي - صلى الله عليه وسلم - أرسالًا، وفتحوا البلاد مع الصحابة. وعكرمة لم يهرب من الإسلام إلى بلد إسلام، وإنما هرب إلى موضع يرى أن أهله على دينه.