للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقال الأثرم (١): سألت أبا عبد الله عن الرجل تزوَّج المرأة على أنه إن جاءها بالمهر إلى كذا وكذا، وإلا فلا نكاح بيننا. فقال: لا أدري، فقيل له: حديث ابن عباس: النكاح ثابتٌ والشرط فاسدٌ؟ قال: نعم.

ونقل عنه ابن منصورٍ (٢): إذا قال: إن جئت بالمهر إلى كذا وكذا، وإلا فليس بيننا نكاحٌ، فالنكاح والشرط جائزان.

وهذا هو الذي تقتضيه أصوله وقواعد مذهبه، ومَن ضعَّف هذه الرواية لم يضعِّفها بما يقتضي تضعيفها. وغاية ما قالوا: أن النكاح مما لا يدخله الخيار، فشرطه فيه يفسده كالصرف والسلم.

فيقال: نَقْنَع منكم بسؤال المطالبة، وهو تأثير الوصف في الأصل وثبوته في الفرع، ثم نتبرع بالفرق بأن السلم والصرف يجب تسليم العوض فيه في مجلس العقد بخلاف النكاح.

قالوا: الخيار ينفي الإباحة في وقتٍ يقتضي إطلاق العقد ثبوته، فصار كما لو تزوَّجها شهرًا.

وحقيقة هذا القياس التسويةُ بين العقد المطلق والمقيَّد، وهذا منتقضٌ بسائر الشروط التي تثبت في العقد المقيَّد دون المطلق. ثم يقال: كون العقد المطلق لا يقتضي ثبوتها لا يقتضي أن العقد المقيّد لا يقتضي ثبوتها، بل


(١) لم أجد هذه الرواية في المصادر.
(٢) أشار في "المغني" (٩/ ٤٨٨) إلى هذه الرواية.