للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم اختلف أبو حنيفة وأصحابه (١)، فقال أبو حنيفة: يجب في الخمر القيمة، وفي الخنزير مهر المثل. وقال أبو يوسف: لها مهر المثل فيهما، وقال محمد: لها القيمة فيهما.

ووجه قول محمد: أن التسمية صحت في العقد، وصحة التسمية تمنع المصير إلى مهر المثل، لكن تعذَّر القبض بالإسلام، فصار كما لو تعذَّر بالهلاك، فوجبت القيمة.

وأبو يوسف يقول: لما تعذَّر القبض كان الفساد في حق القبض بمنزلة الفساد في حق العقد، فوجب مهر المثل.

وأبو حنيفة يقول: الأصل صحة التسمية، وهي تمنع المصير إلى مهر المثل، إلا أنا استقبحنا في الخنزير إيجاب قيمته، فأوجبنا مهر المثل؛ لأن القيمة كانت واجبةً قبل الإسلام أصلًا في حق التسليم لا خلفًا، فإن القدرة على الأصل تمنع المصير إلى الخلف، ولو جاءها بالقيمة هاهنا أُجْبِرت على القبول مع القدرة على الخنزير، فدلَّ على أنها وجبت أصلًا، فلا يمكن إيجابها بعد الإسلام خلفًا، ولا يمكن الإيجاب على ما كان قبل الإسلام؛ لأنه إنما وجب قبله ضمنًا لوجوب تسليم الخنزير، وقد سقط وجوب التسليم بالإسلام.


(١) انظر: "الاختيار لتعليل المختار" (٣/ ١١٢)، و"المبسوط" للسرخسي (٥/ ٤٢، ٤٣).