للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومن أوجب مهر المثل في هذه المقدمات أو في بعضها يقول (١): الخمر لا قيمةَ له في الإسلام، فهو كالخنزير، فصار وجود تسميته كعدمها، فقد خلا النكاح من التسمية المعتبرة شرعًا، فيجب مهر المثل.

قالوا: وليس في شريعة الإسلام للخمر قيمةٌ حتى نعتبرها هاهنا، وإنما يقوِّمه الكفار، ونحن لا نعتبر قيمته عندهم، وليس له عندنا قيمةٌ البتةَ.

ويُقوِّي قولَ محمد أنها قد رضيت بإخراج بُضْعها على هذا المسمى، والزوج إنما دخل على ذلك، فلا يلزمه أكثر منه، ولِمَ يلزَمه ولا ألزمه به الشارع، وكون الخمر والخنزير لا قيمة له عندنا لا يمنع من اعتبار قيمته وقتَ العقد، فإنها رضيت بماليته، وانحصار المالية في هذا الجنس، فإذا فات ما انحصرت فيه المالية بالإسلام صرنا إلى قيمته وقتَ العقد كما لو عُدِم ذلك الجنس، ولا محذورَ في تقويم ذلك لتعيين مقدار الواجب للضرورة، كما يقوّم الحر عبدًا في باب الأَرْش (٢) لتعيين مقدار الواجب.

يوضحه أن المسمَّى حالَ العقد كان مالًا بالنسبة إليهم، فكان متقومًا بالنسبة إلى هذا العقد والمتعاقدين، وبالإسلام فاتت ماليته، فتعينت قيمتُه حينَ العقد. وهذا القول هو الذي نختاره، والله أعلم.


(١) في الأصل: "ويقول".
(٢) أي الدية.