للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما عمود النسب ففيهم روايتان (١):

إحداهما: لا تجب نفقتهم لذلك.

والثانية: تجب لتأكد قرابتهم بالعصبة (٢).

وحكى بعض الأصحاب في وجوب نفقة الأقارب مطلقًا مع اختلاف الدين وجهين، وهذه الطريقة أفقه، فإن اختلاف الدين (٣) إن منع وجوب الإنفاق منع في سائر الأقارب، وإن لم يكن مانعًا لم يمنع في حق قرابة الكلالة، كالرقّ والغنى. فأما أن يكون مانعًا في قرابةٍ دون قرابةٍ فلا وجه له، ولا يصح التعليل بتأكد القرابة؛ لأن الأخ والأخت أقرب من أولاد البنات.

والذي يقوم عليه الدليل وجوب الإنفاق وإن اختلف الدينان، لقوله تعالى: {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا} [العنكبوت: ٧]، {وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا} [لقمان: ١٤]، وليس من الإحسان ولا من المعروف تركُ أبيه وأمه في غاية الضرورة والفاقة، وهو في غاية الغنى. وقد ذمَّ الله تبارك وتعالى قاطعي الرحم، وعظَّم قطيعتها، وأوجب حقّها وإن كانت كافرةً، قال تعالى:


(١) انظر: "المغني" (١١/ ٣٧٥، ٣٧٦).
(٢) في الأصل: "بالبعضية". والتصويب من هامشه.
(٣) "وجهين ... الدين" ساقطة من المطبوع.