للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

{وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ} [النساء: ١]، وقال تعالى: {وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ} [الرعد: ٢٦]، وفي الحديث: "لا يدخل الجنةَ قاطعُ رَحِمٍ" (١)، و"الرَّحِم معلَّقةٌ بساق العرش تقول: يا ربِّ، صِلْ من وصلني، واقطَعْ من قطعني" (٢)، وليس من صلة [الرحم] (٣) تركُ القرابة تَهلِك جوعًا وعطشًا وعُريًا، وقريبه من أعظم الناس مالًا. وصلة الرحم واجبةٌ وإن كانت لكافرٍ، فله دينه وللواصل دينه.

وقياس النفقة على الميراث قياسٌ فاسدٌ، فإن الميراث مبناه على النصرة والموالاة، بخلاف النفقة فإنها صلةٌ ومواساةٌ من حقوق القرابة، وقد جعل الله للقرابة حقًّا وإن كانت كافرةً، فالكفر لا يُسقِط حقوقها في الدنيا، قال الله تعالى: {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء: ٣٦].

وكل من ذكر في هذه الآية فحقُّه واجبٌ وإن كان كافرًا، فما بال ذي القربى وحده يخرج من جملة من وصَّى الله بالإحسان إليه؟ ورأس الإحسان


(١) أخرجه البخاري (٥٩٨٤) ومسلم (٢٥٥٦) من حديث جبير بن مطعم.
(٢) أخرجه ابن أبي شيبة (٢٥٩٠١) والبيهقي في "شعب الإيمان" (٧٥٦٠) من حديث عبد الله بن عمرو بنحوه. وأخرجه مسلم (٢٥٥٥) من حديث عائشة بلفظ: "الرحم معلقة بالعرش تقول: من وصلني وصله الله، ومن قطعني قطعه الله".
(٣) ليست في الأصل.