وقيل: المحصنات اللاتي أُبِحن هن الحرائر، ولهذا لم تحلَّ إماء أهل الكتاب.
والصحيح الأول، لوجوهٍ:
أحدها: أن الحرية ليست شرطًا في نكاح المسلمة.
الثاني: أنه ذكر الإحصان في جانب الرجل كما ذكره في جانب المرأة، فقال:{إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ}[المائدة: ٦]، وهذا إحصان عفةٍ بلا شكٍّ، فكذلك الإحصان المذكور في جانب المرأة.
الثالث: أنه سبحانه ذكر الطيبات من المطاعم والطيبات من المناكح، فقال تعالى:{الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ}[المائدة: ٦].
والزانية خبيثةٌ بنصِّ القرآن، والله سبحانه وتعالى حرَّم على عباده الخبائث من المطاعم والمشارب والمناكح، ولم يبح لهم إلا الطيبات. وبهذا يتبين بطلان قول من أباح تزويج الزواني، وقد بينا بطلان هذا القول من أكثر من عشرين وجهًا في غير هذا الكتاب (١).
(١) أشار إلى ذلك في "أعلام الموقعين" (٥/ ٣٤٧). وانظر: "زاد المعاد" (٥/ ١٦٠، ١٦١)، و"إغاثة اللهفان" (١/ ١٠٨ - ١١٠)، فقد ذكر فيهما بعض الوجوه. وللتفصيل راجع: "مجموع الفتاوى" (٣٢/ ١٠٩ - ١٣٤).