قال المحرِّمون: وأما قياسكم التزوج بالأمة الكتابية على وطئها فقياسٌ فاسدٌ جدًّا، فإن واطئ الأمة بملك اليمين ينعقد ولده حرًّا مسلمًا، فلا يضرُّ وطء الأمة الكافرة بملك اليمين. وأما واطئ الأمة بعقد النكاح فإن ولده ينعقد رقيقًا لمالك الأمة، وفي ذلك التسببُ إلى إثبات ملك الكافر على المسلم، فافترقا.
ولهذا يجوز وطء الأمة المسلمة بملك اليمين، ولا يجوز وطؤها بعقد النكاح إلا عند الضرورة بوجود الشرطين، وما ثبت للضرورة يقدَّر بقدرها، ولم يجز أن يتعدَّى، والضرورة تزول بنكاح الأمة المسلمة، فيُقتصَر عليها كما اقتُصِر في جواز أكل الميتة ولحم الخنزير على قدر الضرورة.
قال المبيحون: هذا ينتقض عليكم بما لو كانت الأمة الكافرة كبيرةً لا يَحبَلُ مثلها، أو كانت لمسلم، فإن الولد لا يثبت عليه ملك كافرٍ.
قال المحرِّمون: أليس الجواز يفضي إلى هذا فيما إذا كانت الأمة لكافرٍ، وهي ممن تحبل؟ ولم يفرِّق أحدٌ. بل القائل قائلان: قائل بالجواز مطلقًا، وقائل بالمنع مطلقًا، والشارع إذا منع من الشيء لمفسدةٍ تتوقع منه سدَّ بابَ تلك المفسدة بالكلية. ولهذا لما حرم نكاح الأمة إلا عند عدم الطول وخوف العَنَت خشية إرقاقِ الولد= لم يبح نكاح العاقر التي لا تَحْبَل ولا تلد بدون الشرطين.
قالوا: وأما قولكم: إنه يجوز (١) نكاحها بعد العتق فجاز قبله= فحاصله
(١) في المطبوع: "لا يجوز"، وهو يقلب المعنى، ويخالف الأصلَ وما تقدم ذكره (ص ٥٦٤).