للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بعد ثبوت عفتها، فهذا هو الذي دلَّ عليه الكتاب والسنة في غير موضع.

ومن محاسن الشريعة تحريم نكاح البغايا، فإنه من أقبح الأمور، والناس إذا اجتهدوا في تعيير الرجل قالوا: زوجُ بَغِيٍّ، ومثل هذا فطرةٌ فطر الله عليها الخلق، فلا تأتي شريعةٌ بإباحته.

والبغيُّ خبيثةٌ، والله سبحانه حرَّم الخبائث من المناكح كما حرَّمها من المطاعم، ولم يُبِح نكاح المرأة إلا بشرط إحصانها، وقال في نكاح الزواني: {وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى اَلْمُؤْمِنِينَ} [النور: ٣]، ولم ينسخ هذه الآيةَ شيء. ويكفي في نكاح الحرة عدم اشتهار زناها، فإن الأصل عفتها، فعفتها ثابتةٌ بالأصل، فلا يشقُّ اشتراطها، فإذا اشتهر زناها حرم نكاحها، فإذا تابت فالتائب من الذنب كمن لا ذنب له.

وأما ما ذكرتم عن جابرٍ - رضي الله عنه - والتابعين من التحريم فقد عارضهم آخرون.

قال ابن أبي شيبة (١): حدثنا جرير بن عبد الحميد، عن مغيرة، عن أبي مَيْسرة قال: إماء أهل الكتاب بمنزلة حرائرهم.


(١) في "المصنف" (١٦٤٣٥). وأسنده الخلال في "أحكام أهل الذمة" (١/ ٢٨٠) من طريق الأثرم عن الإمام أحمد، والطبري في "تفسيره" (٦/ ٦٠٠) عن ابن حميد، كلاهما عن جرير به. قال الأثرم لأحمد: مغيرة عن أبي ميسرة مرسل هكذا؟ قال: "نعم هو مرسل". أي: لأن مغيرة بن مقسم الضبي لم يُدرك أبا ميسرة عمرو بن شرحبيل الهمداني، فإنه من كبار التابعين توفي سنة ٦٣.