للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عن علي أنه جعل الكفر مللًا مختلفةً (١)، ولم نعرف (٢) له من الصحابة مخالفًا، فكان إجماعًا (٣).

واحتج القاضي على ذلك بقوله تعالى: {لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا} [المائدة: ٥٠]، فأثبت لكلٍّ شريعةً ودينًا (٤). وقال تعالى: {مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ} [الحج: ٧٦]، {وَاَتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ} [النساء: ١٢٤]، فلو كان من خالف دين النبي - صلى الله عليه وسلم - أهل ملةٍ واحدةٍ لم يخص إبراهيم بملةٍ.

وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لا تُقبَل شهادةُ ملةٍ على ملة، إلا ملة الإسلام» (٥)، وهذا يقتضي أن هناك مللًا غير ملة الإسلام.

ولأن أحكامهم مختلفةٌ، بدليل أن المجوس لا تؤكل ذبيحتهم، ولا تنكح نساؤهم، ولا كتاب لهم، واليهود والنصارى بخلاف ذلك.

ولأنهم مختلفون في النبي (٦) والكتاب كاختلاف المسلمين والكفار.


(١) لم أجده مسندًا. بل حتى في «الأوسط» (٧/ ٤٧٥) و «الاستذكار» (١٥/ ٤٩٤) و «فتح الباري» (١٢/ ٥١) لم يُنسب هذا القول إلى علي، وإنما إلى الحسن وابن شهاب وربيعة وغيرهم.
(٢) في الأصل: «يعرف»، والمثبت مقتضى نصب «مخالفًا» الآتي. في المطبوع و «المغني»: «لم يُعرف ... مخالف».
(٣) انتهى كلام أبي محمد من «المغني».
(٤) سقطت واو العطف من المطبوع فصار السياق: «فأثبت لكلِّ شريعةٍ دينًا».
(٥) جزء من حديث أبي هريرة، سيأتي تخريجه قريبًا.
(٦) زيد في المطبوع بعده: «- صلى الله عليه وسلم -»، ولا وجه له، فليس المراد هنا نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم -، ولكن جنس الأنبياء، فالملل مختلفة فيما بينها في النبي الذي تنتسب إليه.