للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ينكحون نساءنا.

والذين منعوا الميراث عمدتهم الحديث المتفق عليه: «لا يرث المسلم الكافر، ولا الكافر المسلم» (١)، وهو عمدةُ مَن منع ميراث المنافق الزنديق، وميراث المرتد.

قال شيخنا (٢): وقد ثبت بالسنة المتواترة أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يُجري الزنادقة المنافقين في الأحكام الظاهرة مجرى المسلمين فيرثون ويُورَثون. وقد مات عبد الله بن أُبَيٍّ وغيره ممن شهد القرآن بنفاقه، ونُهي الرسول - صلى الله عليه وسلم - عن الصلاة عليه والاستغفار له، ووَرِثَهم ورثتُهم المؤمنون؛ كما ورث عبدَ الله بن أبيٍّ ابنُه. ولم يأخذ النبي - صلى الله عليه وسلم - من تركة أحدٍ من المنافقين شيئًا، ولا جعل شيئًا من ذلك فيئًا، بل أعطاه لورثتهم. وهذا أمرٌ معلومٌ بيقينٍ، فعلم أنَّ الميراث مداره على النصرة الظاهرة لا على إيمان القلوب والموالاة الباطنة، والمنافقون في الظاهر ينصرون المسلمين على أعدائهم، وإن كانوا من وجهٍ آخر يفعلون خلاف ذلك، فالميراث مبناه على الأمور الظاهرة لا على ما في القلوب.

وأما المرتد فالمعروف عن الصحابة مثل عليٍّ وابن مسعودٍ: أن ماله لورثته من المسلمين أيضًا، ولم يدخلوه في قوله - صلى الله عليه وسلم -: «لا يرث المسلم


(١) قد تقدم (ص ٣).
(٢) قال ابن عبد الهادي في «العقود الدرية» (ص ٣٣٩): «وكان يميل أخيرًا لتوريث المسلم من الكافر الذمي، وله في ذلك مصنف وبحث طويل». فلعل هذا النص منه، وانظر: «مجموع الفتاوى» (٧/ ٢١٠).