للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكافر». وهذا هو الصحيح.

وأما أهل الذمة فمن قال بقول معاذ ومعاوية ومن وافقهما يقول: قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لا يرث المسلم الكافر»، المراد به الحربي لا المنافق، ولا المرتد، ولا الذمي، فإنَّ لفظ «الكافر»، وإن كان قد يعُمُّ كل كافر، فقد يأتي لفظه والمراد به بعض أنواع الكفار، كقوله: {إِنَّ اَللَّهَ جَامِعُ اُلْمُنَافِقِينَ وَاَلْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا} [النساء: ١٣٩]، فهنا لم يدخل المنافقون في لفظ الكافرين. وكذلك المرتد، فالفقهاء لا يدخلونه في لفظ الكافر عند الإطلاق، ولهذا يقولون: إذا أسلم الكافر لم يقضِ ما فاته من الصلاة، وإذا أسلم المرتد ففيه قولان.

وقد حمل طائفةٌ من العلماء قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لا يُقتَل مسلمٌ بكافرٍ» (١) على الحربي دون الذمي (٢)، ولا ريب أن حمل قوله: «لا يرث المسلم الكافر» على الحربي أولى وأقرب محملًا، فإنَّ في توريث المسلمين منهم ترغيبًا في الإسلام لمن أراد الدخول فيه من أهل الذمة، فإنَّ كثيرًا منهم يمنعهم من الدخول [في] الإسلام خوفُ أن يموت أقاربهم، ولهم أموالٌ فلا


(١) أخرجه البخاري (١١١) من حديث علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -.
(٢) وذلك أنه ورد في بعض طرق هذا الحديث عند أحمد (٩٥٩) وأبي داود (٤٥٣٠) وغيرهما زيادة: «ولا ذو عهدٍ في عهده»، ولها شاهد عند أحمد (٦٦٩٠) وأبي داود (٢٧٥١) وغيرهما من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدِّه. فدلَّت المقابلة بين «ذي عهدٍ» و «كافر» أن المراد بالكافر: الحربي. انظر: «شرح مختصر الطحاوي» للجصاص (٥/ ٣٥٥).