للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يرثون منهم شيئًا. وقد سمعنا ذلك (١) من غير واحدٍ منهم شِفاهًا. فإذا علم أنَّ إسلامه لا يُسقط ميراثه ضَعُف المانع من الإسلام و [صارت] (٢) رغبتُه فيه قويةً.

وهذا وحده كافٍ في التخصيص، وهم يخصُّون العموم بما هو دون ذلك بكثيرٍ، فإنَّ هذه مصلحةٌ ظاهرةٌ يشهد لها الشرع بالاعتبار في كثيرٍ من تصرفاته، وقد تكون مصلحتها أعظم من مصلحة نكاح نسائهم. وليس في هذا ما يخالف الأصول، فإنَّ أهل الذمة إنَّما ينصرهم ويقاتل عنهم المسلمون، ويفتكُّون (٣) أسراهم، والميراثُ يستحق بالنصرة فيرثهم المسلمون، وهم لا ينصرون المسلمين فلا يرثونهم؛ فإن أصل الميراث ليس هو بموالاة القلوب، ولو كان هذا معتبرًا فيه كان المنافقون لا يرثون ولا يورثون، وقد مضت السنة بأنهم يرثون ويورثون.

وأمَّا المرتد فيرثه المسلمون، وأمَّا هو فإن مات له ميتٌ مسلم في زمن الرِّدَّة ومات مرتدًّا لم يرثه لأنَّه لم يكن ناصرًا له، وإن عاد إلى الإسلام قبل قِسمة الميراث فهذا فيه نزاعٌ بين الناس. وظاهر مذهب أحمد: أنَّ الكافر الأصلي والمرتد إذا أسلما قبل قسمة الميراث ورثا، كما هو مذهب جماعة من الصحابة والتابعين. وهذا يؤيِّد هذا الأصل، فإنَّ هذا فيه ترغيبٌ في


(١) زيد في المطبوع هنا: «منهم»، خلافًا للأصل.
(٢) زيادة يقتضيها السياق، ولعل المؤلف لم يذكره على توهُّم أنه تقدَّم، أي: صار المانعُ من الإسلام ضعيفًا ورغبتُه فيه قويةً.
(٣) كذا في الأصل، وهو صواب محض، فـ (فكَّ الأسيرَ) و (افتكَّه) بمعنى. وغيَّره في المطبوع إلى: «يفتدون» مع التنبيه على ما في الأصل.