للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الإسلام، وقد نُقِل عن عليٍّ في الرقيق إذا كان ابنًا للميت: أنه يُشترى من التركة ويرث (١).

قال شيخنا: ومما يؤيد القول بأنَّ المسلم يرث الذمي ولا يرثه الذمي: أنَّ الاعتبار في الإرث بالمناصرة، والمانع (٢) هو المحاربة. ولهذا قال أكثر الفقهاء: إن الذمي لا يرث الحربي، وقد قال تعالى في الدية: {فَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ عَدُوٍّ لَّكُمْ وَهْوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ} [النساء: ٩١]، فالمقتول ــ إن كان مسلمًا ــ فدِيَتُه لأهله، وإن كان من أهل الميثاق فدِيَتُه لأهله، وإن كان من قوم عدوٍّ للمسلمين فلا ديةَ له؛ لأنَّ أهله عدو للمسلمين وليسوا بمعاهدين، فلا يُعطَون ديته، ولو كانوا معاهدين لأُعطُوا الدية.

ولهذا لا يرث هؤلاء المسلمين، فإنَّهم ليس بينهم وبينهم أيمانٌ ولا أمانٌ. ولهذا لما مات أبو طالب ورثه عقيل دون علي وجعفرٍ، مع أن هذا كان في أول الإسلام. وقد ثبت في «الصحيح» (٣) أنه قيل له - صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع: ألا تنزل في دارك؟ فقال: «وهل ترك لنا عقيل من رباعٍ؟»، وذلك لاستيلاء عقيل على رباع بني هاشم لمَّا هاجر النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ ليس هو لأجل ميراثه، فإنه أخذ دار النبي - صلى الله عليه وسلم - التي كانت له التي ورثها من أبيه، وداره التي كانت


(١) روي عنه نحو ذلك في مقتولٍ له أم وأخت مملوكتان، فقال: تُشتريان من الدية فتُعتَقان فتَرِثان ما بقي منها. أخرجه إسحاق الكوسج في «مسائل أحمد» (٢/ ٤٢٠) ــ ومن طريقه ابن المنذر (٧/ ٤٧٠) ــ من رواية جابر بن زيد أبي الشعثاء عنه. قال ابن المنذر: «لا يثبت»، وذلك ــ والله أعلم ـ لأن أبا الشعثاء لم يدرك عليًّا.
(٢) في الأصل: «المنانع»!
(٣) للبخاري (١٥٨٨) ومسلم (١٣٥١)، وقد تقدَّم.