للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ينعزل حتى يعلم بعزله.

قال غير واحد من السلف: الأشهر الأربعة أمانٌ لمن لم يكن له أمانٌ ولا عهدٌ، فأمَّا أرباب العهود فهم على عهودهم إلى انقضاء مدتهم. وهذا لا يخالف قول من قال منهم: إنها للمشركين كافةً: مَن له عهدٌ ومَن ليس له عهدٌ، كما قاله مجاهد والسدي ومحمد بن كعبٍ (١)، فإنَّ أرباب العهد الموقَّت يصير لهم عهدٌ من وجهين. وقد قال ابن إسحاق: هذه الأربعة أجل لمن كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد أمَّنه أقلَّ من أربعة أشهر، أو (٢) كان أمانه غير محدودٍ، فأمَّا من لا أمان له فهو حربٌ (٣). فبيَّن ابن إسحاق أنها لأصحاب الأمان المطلق، وإنما خالف من قبله: هل دخل فيها من لم يكن له عهدٌ أصلًا؟

وأمَّا ما يروى عن الضحاك وقتادة أنَّها أمانٌ لأصحاب العهد، فمن كان عهده أكثر منها حُطَّ إليها، ومن كان عهده أقل منها رفع إليها، ومن لم يكن له عهدٌ فأجلُه انسلاخُ المحرَّم خمسون ليلةً (٤) = فهذا قول ضعيفٌ، وهو مبني على فهمين ضعيفين (٥):

أحدهما: أن الحُرُم آخرها المحرم، وقد تقدم فساده.

والثاني: أنه يجوز نقض العهد المؤجَّل المحدود، وقد تقدَّم بطلانه.


(١) سبق قول مجاهد والسدي، ولم أجد قول محمد بن كعب.
(٢) في الأصل: واو العطف، ولعل المثبت أشبه.
(٣) ذكره ابن هشام (٢/ ٥٤٣) والطبري (١١/ ٣٠٥) عن ابن إسحاق بنحوه.
(٤) قول الضحاك أخرجه الطبري (١١/ ٣٠٧)، وقول قتادة لم أجده.
(٥) في الأصل: «ضعيف».