للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عنه لسانُه، فإمَّا شاكرًا وإمَّا كَفورًا» (١). فجعل الغاية إعراب لسانه عنه: أي بيان لسانه عنه، فإذا أعرب لسانُه عنه صار إمَّا شاكرًا وإمَّا كفورًا بالنص.

ولأنَّه إذا بلغ سِنَّ التمييز وعقَل ما يقول، صار له إرادةٌ واختيارٌ ونطقٌ يترتَّب عليه به الثواب وإنْ تأخَّرَ ترتُّبُ العقابِ عليه (٢) إلى ما بعد البلوغ. فلا يلزم من انتفاء صحةِ أسبابِ العقاب انتفاءُ صحةِ أسبابِ الثواب، فإنَّ الصبي يصِحُّ حجُّه، وطهارته، وصلاته، وصيامه، وصدقته، وذِكْره، ويُثاب على ذلك، وإن لم يعاقب على تركه؛ فباب الثواب لا يعتمد البلوغَ.

ولم يقم دليل شرعي على إهدار أقوال الصبي بالكليَّة، بل الأدلة الشرعية تقتضي اعتبار أقواله في الجملة. وقد أمر الله تعالى بابتلاء اليتامى، وهو اختبارهم في عقودهم ومعاملاتهم. ولهذا كان قول الجمهور: إنَّ ذلك يحصل بإذنه له في العَقْد، ولا يحتاج إلى أن يأذن له في المُراوَضة (٣) ثم يعقد وليُّه.


(١) لم نجده بهذا السياق، وهو ملفق من أكثر من رواية، فأخشى أن يكون ثَمَّ سقط من الناسخ نشأ عنه تداخل بين الروايات. فقد أخرجه مسلم عقب (٢٦٥٨/ ٢٣) بلفظ: «ما من مولود يولد إلا على هذه الملة، حتى يبين عنه لسانه»، وفي لفظ: «حتى يعبِّرَ عنه لسانه». وليس عند مسلم: «فإمَّا شاكرًا وإمَّا كَفورًا»، وإنما روي ذلك من حديث جابر عند أحمد (١٤٨٠٥) بإسناد فيه لين، ولفظه: «كلُّ مولود يولد على الفطرة، حتى يُعرِب عنه لسانُه، فإذا أعرب عنه لسانه إما شاكرًا وإما كفورًا».
(٢) تقدمت على «العقاب» في الأصل والمطبوع، فيكون السياق: «ترتَّبَ عليه العقابُ»، وهو خطأ يُذهب المعنى.
(٣) أي: المساومة والمجاذبة بين البائع والمشتري على الثمن.