للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مُسارَعته ومُبادَرته إليها وسلوكِه طريقَها، وإلزامُه بطريق أهل الجحيم والكونِ معهم، والحكمُ عليه بالنار، وسَدُّ طريق النجاة عليه مع فراره إلى الله منها؟! هذا من أمحل المحال.

ولأنَّ هذا إجماع الصحابة، فإنَّ عليًّا - رضي الله عنه - أسلم صبيًّا، وكان يفتخر بذلك، ويقول:

سبقتكم إلى الإسلام طُرًّا ... صبيًّا ما بلغت أوان حلمي (١)

فكيف يقال: إنَّ إسلامه كان باطلًا لا يصح؟ ولهذا قال غير واحد من التابعين ومَن بعدهم: أوَّل مَن أسلم من الرجال أبو بكر، ومن الصبيان عليٌّ، ومن النساء خديجة، ومن العَبِيد بلال، ومن الموالي زيد (٢).

وقال عروة بن الزبير: أسلم علي والزبير وهما ابنا ثمان سنين (٣).


(١) أخرجه البيهقي في «الكبير» (٦/ ٢٠٦) بنحوه وقال: وهذا شائع فيما بين الناس من قول علي - رضي الله عنه - إلا أنَّه لم يقع إلينا بإسناد يُحتَجُّ بمثله.
(٢) اختلف التابعون في أول مَن أسلم. وهذا القول إنما هو لإسحاق بن راهويه جمعًا بين الأقوال. انظر: «معالم التنزيل» للبغوي (٤/ ٨٧).
(٣) أخرجه أبو القاسم البغوي في «معجم الصحابة» (٢٥٣٥، ١٠٩٦) والطبراني في «الكبير» (١/ ٩٥، ١٢٢) وأبو نعيم في «معرفة الصحابة» (٣٠٨، ٤١٩) والبيهقي (٦/ ٣٣٩، ٣٤٢)، كلهم من طريق الليث، عن أبي الأسود، عن عروة، مفرَّقًا كلٌّ منهما على حدة.