للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي «المسند» (١)

وغيره من حديث الأسود بن سريع قال: بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سريَّةً فأفضى بهم القتل إلى الذرية، فقال لهم النبي - صلى الله عليه وسلم -: «ما حملكم على قتل الذرية؟»، قالوا: يا رسول الله، [أَ] ليسوا (٢) أولاد المشركين؟ قال: «أَوَليس خياركم أولاد المشركين؟»، ثم قام النبي - صلى الله عليه وسلم - خطيبًا، فقال: «ألا إنَّ كلَّ مولود يُولَد على الفطرة حتى يُعرِب عنه لسانه».

فخُطبته لهم بهذا الحديث عقيب نهيه لهم عن قتل أولاد المشركين، وقوله لهم: «أوليس خياركم أولاد المشركين؟» نصٌّ أنَّه أراد أنهم وُلدوا غيرَ كفارٍ، ثمَّ الكفر طرأ بعد ذلك، ولو أراد أنَّ المولود حين يُولَد يكون إمَّا كافرًا وإمَّا مسلمًا على ما سبق به القدر، لم يكن فيما ذكره حجةٌ على ما قصده من نهيه لهم عن قتل أولاد المشركين.

وقد ظنَّ بعضهم أنَّ معنى قوله: «أو ليس خياركم أولاد المشركين» معناه: لعلَّه أن يكون قد سبق في علم الله أنَّهم لو بقُوا لآمنوا، فيكون النهي


(١) برقم (١٥٥٨٨، ١٥٥٨٩)، وأخرجه أيضًا معمر في «الجامع» (٢٠٠٩٠) ــ واللفظ له إلا أن في مطبوعته سقطًا يستدرك من رواية ابن بطة في «الإبانة الكبرى» (١٥٩٥) من طريقه ــ والنسائي في «الكبرى» (٨٥٦٢) وابن حبان (١٣٢) والحاكم (٢/ ١٢٣) وغيرهم، من طرق عن الحسن عن الأسود بن سريع.

رجاله ثقات، إلا أنه مرسل، فإن الحسن لم يسمع من الأسود على ما ذكره ابن المديني في «العلل» (ص ٥٥) فقد سئل عن هذا الحديث فقال: إسناده منقطع، والحسن عندنا لم يسمع من الأسود، لأن الأسود خرج من البصرة أيام علي، وكان الحسن بالمدينة.
(٢) همزة الاستفهام مستدركة من «جامع معمر» و «الإبانة الكبرى». ولفظ أحمد: إنما هم ــ وفي رواية: إنما كانوا ــ أولاد المشركين.