للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

راجعًا إلى هذا المعنى من التجويز. وليس هذا معنى الحديث، ولكن معناه: أنَّ خياركم هم السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار، وهؤلاء من أولاد المشركين، فإنَّ آباءهم كانوا كفارًا، ثم إنَّ البنين أسلموا بعد ذلك، فلا يضر الطفل أن يكون من أولاد المشركين إذا كان مؤمنًا، فإن الله إنما يجزيه بعمله لا بعمل أبويه، وهو سبحانه يخرج الحي من الميت، ويخرج الميت من الحي، والمؤمن من الكافر، والكافر من المؤمن.

وهذا الحديث ــ وهو حديث الفطرة ــ ألفاظه يفسِّر بعضُها بعضًا، ففي «الصحيحين» (١) ــ واللفظ للبخاري ــ عن ابن شهابٍ، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ما من مولود يُولَد إلا على الفطرة فأبواه يهوِّدانه أو ينصِّرانه أو يمجِّسانه، كما تُنتَج البهيمةُ بهيمةً جمعاءَ هل تُحسُّون فيها من جدعاء؟»، ثم يقول أبو هريرة: اقرؤوا: {فِطْرَتَ اَللَّهِ اِلَّتِي فَطَرَ اَلنَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اِللَّهِ ذَلِكَ اَلدِّينُ اُلْقَيِّمُ} [الروم: ٢٩] (٢)، قالوا: يا رسول الله، أفرأيت من يموت صغيرًا؟ قال: «الله أعلم بما كانوا عاملين» (٣).


(١) سبق تخريجه. واللفظ المذكور مجموع من روايتين كما يأتي بيانه في التعليقين الآتيين. والمؤلف صادر عن «درء التعارض» (٨/ ٣٦٥).
(٢) إلى هنا لفظ الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة، البخاري (١٣٥٩، ١٣٨٥، ٤٧٧٥) ومسلم عقب (٢٦٥٨/ ٢٢). وكذلك أخرجه مسلم (٢٦٥٨/ ٢٢) من طريق الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة.
(٣) الحديث مع هذه الزيادة عند البخاري (٦٥٩٩) من طريق همام، وعند مسلم (٢٦٥٨/ ٢٣) من طريق أبي صالح، كلاهما عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، ولكن ليس فيه قوله: «اقرؤوا ... ».