للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

آخرون: الفطرة هاهنا هي الإسلام. قالوا: وهو المعروف عند عامة السلف، وأهل التأويل قد أجمعوا في تأويل قوله عز وجل: {فِطْرَتَ اَللَّهِ اِلَّتِي فَطَرَ اَلنَّاسَ عَلَيْهَا} [الروم: ٢٩]، على أن قالوا: فطرة الله دين الإسلام.

واحتجوا بقول أبي هريرة في هذا الحديث: اقرؤوا إن شئتم: {فِطْرَتَ اَللَّهِ اِلَّتِي فَطَرَ اَلنَّاسَ عَلَيْهَا} (١).

قال: وذكروا عن عكرمة ومجاهد والحسن وإبراهيم والضحاك وقتادة في قوله عزَّ وجلَّ: {فِطْرَتَ اَللَّهِ اِلَّتِي فَطَرَ اَلنَّاسَ عَلَيْهَا}، قالوا: فطرة الله: دين الله (٢) الإسلام. {لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اِللَّهِ} [الروم: ٢٩]، قالوا: لدين الله (٣).

واحتجوا بحديث محمد بن إسحاق، عن ثَور بن يزيد، عن يحيى بن جابر، عن عبد الرحمن بن عائذ الأَزْدي، عن عِياض بن حِمار المُجاشِعي أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال للناس يومًا: «ألا أُحدِّثكم بما حدَّثني الله في الكتاب؟ إنَّ الله خلق آدم وبَنِيه حنفاءَ مسلمين، وأعطاهم المال حلالًا لا حرامَ فيه، فجعلوا ما أعطاهم الله حرامًا وحلالًا» الحديث (٤).


(١) تقدَّم قريبًا.
(٢) الاسم المعظم سقط من المطبوع.
(٣) انظر: «تفسير الطبري» (١٨/ ٤٩٤) و «الدر المنثور» (١١/ ٥٩٨).
(٤) أخرجه ابن عبد البر في «التمهيد» (١٨/ ٧٣)، وأخرجه أيضًا ابن أبي خيثمة في «التاريخ الكبير» (١/ ٤٠٤ - السفر الثاني) والطحاوي في «شرح مشكل الآثار» (٣٨٧٨) والطبراني في «الكبير» (١٧/ ٣٦٣). وإسناده جيِّد، ومَن فوق ابن إسحاق كلُّهم ثقات، وابن إسحاق توبع فيه كما سيأتي.