للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هنا: فطر الله الناس على ذلك= على إقامة الدين حنيفًا.

وكذلك فسَّره السلف، قال ابن جرير (١) في هذه الآية: يقول: فسدِّد وجهَك نحوَ الوجه الذي وجَّهك الله يا محمد لطاعته وهو الدين حنيفًا، يقول: مستقيمًا لدينه وطاعته. {فِطْرَتَ اَللَّهِ اِلَّتِي فَطَرَ اَلنَّاسَ عَلَيْهَا}، يقول: صنعة الله التي خلق الناس عليها. ونصب {فِطْرَتَ} على المصدر من معنى قوله: {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا}، وذلك أنَّ معنى [ذلك] (٢): فَطَر اللهُ الناس على ذلك فطرةً.

قال: وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ثم روى عن ابن زيدٍ قال: {فِطْرَتَ اَللَّهِ اِلَّتِي فَطَرَ اَلنَّاسَ عَلَيْهَا}، قال: هي الإسلام، منذ خلقهم الله من آدم جميعًا يقرون بذلك، وقرأ: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّاتِهِمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَن يَقُولُوا يَوْمَ اَلْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ} [الأعراف: ١٧٢]، فهذا قول الله: {كَانَ اَلنَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اَللَّهُ اُلنَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ} [البقرة: ٢١١].

ثم ذكر بإسناد صحيح عن مجاهد قال: {فِطْرَتَ اَللَّهِ اِلَّتِي فَطَرَ اَلنَّاسَ عَلَيْهَا} [الروم: ٢٩]، قال: الدين الإسلام.

[وقال:] حدثنا ابن حميدٍ، حدثنا يحيى بن واضحٍ، حدثنا يونس بن أبي إسحاق، عن يزيد بن أبي مريم قال: مرَّ عمر بمعاذ بن جبل، فقال: ما قِوام


(١) في «تفسيره» (١٨/ ٤٩٣ وما بعدها)، وما زال النقل عن «درء التعارض» (٨/ ٣٧٣).
(٢) ما بين الحاصرتين من الطبري و «الدرء».