للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال كثيرٌ من المفسرين (١): هذا الخطاب للنبي - صلى الله عليه وسلم - والمراد غيره؛ لأن القرآن نزل عليه بلغة العرب، وهم قد يخاطبون الرجل بالشيء ويريدون غيره، كما يقول متمثِّلُهم: إياكِ أعني واسمعِيْ يا جَاره (٢). وكقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ} [الأحزاب: ١]، والمراد أتباعه بهذا الخطاب.

قال أبو إسحاق (٣): إن الله تعالى يخاطب النبي - صلى الله عليه وسلم - والخطاب شاملٌ للخلق، والمعنى: وإن كنتم في شكٍّ [فاسألوا]. والدليل على ذلك قوله تعالى في آخر السورة: {قُلْ يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي شَكٍّ مِنْ دِينِي فَلَا أَعْبُدُ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ} [يونس: ١٠٤].

وقال ابن قتيبة (٤): كان الناس في عصر النبي - صلى الله عليه وسلم - أصنافًا: منهم كافرٌ به مكذِّبٌ، وآخر مؤمنٌ به مصدِّقٌ، وآخر شاكٌّ في الأمر لا يدري كيف هو، فهو يقدِّم رجلًا ويؤخِّر رجلًا، فخاطب الله تعالى هذا الصنف من الناس وقال: فإن كنتَ أيها الإنسان في شكٍّ مما أنزلنا إليك من الهدى على لسان محمد فسَلْ.


(١) انظر: "تفسير الطبري" (١٢/ ٢٨٩)، و "البسيط" للواحدي (١١/ ٣١٤)، و"تفسير البغوي" (٢/ ٣٦٨)، و"تفسير القرطبي" (٨/ ٣٨٢).
(٢) مثل يُضرب لمن يتكلم بكلام ويريد به شيئًا آخر، وأول مَن قاله سهل بن مالك الفزاري، قاله لأخت حارثة بن لأم الطائي. انظر "الأمثال" لأبي عبيد (ص ٦٥)، و"الفاخر" للمفضل بن سلمة (ص ١٥٨)، و"فصل المقال" (ص ٧٦، ٧٧) وغيرها.
(٣) هو الزجاج، وقوله في كتابه "معاني القرآن وإعرابه" (٣/ ٣٢)، ومنه الزيادة.
(٤) في "تأويل مشكل القرآن" (ص ١٦٨).