للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يوضِّحه: أنَّ شهادتهم على أنفسهم هي المانعة من قولهم ذلك يوم القيامة، لا شهادة الله وملائكته عليهم. ولهذا يجحد العبدُ يومَ القيامة شِركه وفجوره مع شهادة الله وملائكته عليه بذلك، فيقول: لا أجيز على نفسي إلا شاهدًا (١) منِّي ــ ولا يُقيم الله الحجة عليه (٢) ــ فشهادته: حين تشهد عليه نفسه وتشهد عليه جوارحه، قال تعالى: {اَلْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُم بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [يس: ٦٤]. وهذا غاية العدل وإزالة شبه الخصوم من جميع الوجوه.

وكذلك قوله: {قُلْ فَلِلَّهِ اِلْحُجَّةُ اُلْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ} [الأنعام: ١٥٠]، إنَّما معناه: لو شاء لوفَّقكم لتصديق رسله واتباع ما جاؤوا به، كما قال: {وَلَوْ شِئْنَا لَأتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا} [السجدة: ١٣]، وقال: {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَأمَنَ مَن فِي اِلْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا} [يونس: ٩٩]، وقال: {وَلَوْ شَاءَ اَللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى اَلْهُدَى} [الأنعام: ٣٦]. نعم، لو شاء في تقديره السابق لقدَّر إيمانهم جميعًا، فجاء الأمر كما قدَّره.

قال شيخنا (٣): وأمَّا احتجاج إسحاق بقول أبي هريرة - رضي الله عنه -: اقرؤوا


(١) في الأصل: «شهادًا»، تصحيف. والمثبت لفظ حديث أنس عند مسلم (٢٩٦٩). ويحتمل أن يكون صوابه: «شهادةً»، كما في المطبوع.
(٢) كذا العبارة في الأصل، ولعل فيها تصحيفًا. والمراد: أنه يظن أن الله لن يقيم الحجة عليه بهذا الشرط (أن يكون الشاهد منه). أو المعنى: أنه لا يرى أن بشهادة الله تقوم الحجة عليه.
(٣) «درء التعارض» (٨/ ٤٢٤).