للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اختيار أبي الخطاب (١)، وعليه جماعةٌ من أهل الكلام.

وعلى هذا فيمكن أن يكون هذا الغلامُ مكلَّفًا بالإيمان قبل البلوغ. ولو لم يكن مكلَّفًا، فكُفر الصبيِّ المميِّز معتبرٌ عند أكثر العلماء، فإذا ارتدَّ عندهم صار مرتدًّا له أحكام المرتدِّين، وإن كان لا يُقتَل حتى يَبلُغ فيثبت عليه (٢) كفره. واتفقوا على أنَّه يُضرَب ويُؤدَّب على كفره أعظمَ ممَّا يُؤدَّب على ترك الصلاة.

فإن كان الغلام الذي قتله الخضر بالغًا فلا إشكال، وإن كان مراهقًا غير بالغٍ فقتله جائزٌ في تلك الشريعة، لأنَّه قتله بأمر الله. كيف وهو إنَّما قتله دفعًا لصوله على أبويه في الدين؟ كما قال: {فَخَشِينَا أَن يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا} [الكهف: ٨٠]. والصبي لو صال على المسلم في بدنه أو ماله ولم يندفع صياله إلا بقتله (٣) جاز قتله. بل الصبي إذا قاتل المسلمين قُتِل.

ولكن مِن أين يُعلَم أنَّ هذا الصبي اليوم يصول على أبويه أو غيرهما في دينهما حتى يَفتِنَهما عنه؟ فإنَّ هذا غيبٌ لا سبيلَ لنا إلى العلم به. ولهذا علَّق ابن عباس الفُتيا به فقال لنَجْدة (٤) لمَّا استفتاه في قتل الغلمان: إنْ علِمتَ منهم ما علم الخَضِر من ذلك الغلام فاقْتُلْهم، وإلا فلا. رواه مسلم في


(١) لم أقف عليه في كتب أبي الخطاب.
(٢) في هامش الأصل: «على».
(٣) في الأصل: «لا اسام»، غير محرَّر. والمثبت من هامشه.
(٤) في هامش الأصل: «اغده»، غير محرر. ونجدة بن عامر الحروري من الخوارج.