للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

شبَّه اللَّبَن بالفطرة لمَّا عُرِض عليه اللَّبَن والخمْر، واختار اللَّبَن، فقال له جبريل: «أصبتَ الفِطرةَ، ولو أخذتَ الخمرَ لَغَوَتْ أمَّتُك» (١). والطفل مفطورٌ على أنَّه يختار شُربَ اللبن بنفسه، فإذا تمكَّن من الثدي لزم أن يرتضع لا مَحالة، فارتضاعه ضَروري إذ لم يوجَد معارض، وهو مولود على أن يرتضع. فكذلك هو مولود على أن يعرف الله، والمعرفة ضرورية لا محالة إذا لم يوجَد معارض.

وأيضًا: فإنَّ حُبَّ النَّفس وخضوعَها لله تعالى وإخلاصَ الدين له، والكفرَ والشركَ والنفورَ والإعراضَ عنه= إمَّا أن تكون نسبتهما إلى الفطرة سواءً، أو (٢) الفطرة مقتضية للأول دون الثاني. فإن كانا سواءً لزم انتفاء المدح، ولم يكن فرقٌ بين اقتضائها للكفر واقتضائها للإيمان، ويكون تمجيسها كتحنيفها، وهذا باطلٌ قطعًا.

وإن كان فيها مقتضٍ للأول دون الثاني، فإمَّا أن يكون المقتضي مستلزمًا لمقتضاه عند عدم المعارض، وإمَّا أن يكون متوقِّفًا على شخصٍ خارجًا (٣)


(١) أخرجه البخاري (٣٤٣٧) ومسلم (١٦٨) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.
(٢) في الأصل: «إذ»، تصحيف.
(٣) كذا في الأصل منصوبًا على الحال.