للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والسعادة بأشياءَ علمها سبحانه منهم، وأنَّهم عامِلوها لا محالة، تفضي بهم إلى ما كتبه وقدَّره، إذ من الجائز أن يكتب سبحانه شقاوة مَن يُشقيه منهم بأنَّه يُدرِك ويعقل ويكفر باختياره.

فمن يقول: أطفال المؤمنين في الجنة، يقول: إنَّهم لم يُكتَبوا في بطون أمهاتهم أشقياء، إذ لو كُتِبوا أشقياء لعاشوا حتى يدركوا زمنَ التكليف، ويفعلوا الأسباب التي قُدِّرت وُصلةً إلى الشَّقاوة التي تُفضي بصاحبها إلى النار، فإنَّ النار لا تُدخَل إلا جزاءً على الكفر والتكذيب الذي لا يُمكِن إلا من العاقل المُدرِك. والدليل على ذلك قوله تعالى: {فَأَنذَرْتُكُمْ نَارًا تَلَظّى (١٤) لَا يَصْلَاهَا إِلَّا اَلْأَشْقَى (١٥) اَلَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلّى} [الليل: ١٤ - ١٦]، وقوله: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} [الإسراء: ١٥]، وقوله: {كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ (٨) قَالُوا بَلَى قَد جَّاءَنَا نَذِيرٌ (٩) فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اَللَّهُ مِن شَيْءٍ} [الملك: ٨ - ١٠]، وقوله لإبليس: {لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنكَ وَمِمَّن تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ} [ص: ٨٣]، إلى غير ذلك من النصوص التي هي صريحةٌ في أنَّ النار جزاء الكافرين المكذِّبين.

وأمَّا حديث عائشة - رضي الله عنها -، وإن كان مسلم رواه في «صحيحه» (١) فقد ضعَّفه الإمام أحمد وغيره (٢).


(١) رقم (٢٦٦٢/ ٣١). وأخرجه أيضًا أحمد (٢٤١٣٢) وأبو داود (٤٧١٣) وغيرهم.
(٢) سيأتي نصُّ أحمد في ذلك. وانظر: «العلل ومعرفة الرجال» برواية ابنه عبد الله (١٣٨٠)، و «الضعفاء» للعقيلي (٣/ ١٦٠)، و «ميزان الاعتدال» (٢/ ٣٤٣) و «سير أعلام النبلاء» (١٤/ ٤٦٢).