للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يوضِّحه: أنَّ الطفل غير مستقلٍّ بنفسه بل تابعٌ لأبويه، فإذا لم يُقطع لأبويه بالجنة لم يجُزْ أن يقطع له بالجنة. وهذا في حق المُعيَّن، فإنَّا نقطع للمؤمنين بالجنة عمومًا، ولا نقطع للواحد منهم بكونه في الجنة إلا بنصٍّ. فهكذا أطفال المؤمنين نقطع بأنهم في الجنة، ولا نقطع للمعيَّن منهم بأنه في الجنة (١). فلهذا ــ والله أعلم ــ أَنكر على أمِّ العلاء حكمَها على عثمان بن مظعون بذلك.

واحتجوا أيضًا (٢) بقوله - صلى الله عليه وسلم -: «كلُّ مولود يُولَد على الفطرة، فأبواه يهوِّدانه وينصِّرانه ويمجِّسانه، كما تُنتَج البهيمةُ بهيمةً جَمعاء، هل تُحسُّون فيها من جدعاء حتى تكونوا أنتم تَجدَعونها؟»، قالوا: يا رسول الله، أرأيت من يموت وهو صغيرٌ؟ قال: «الله أعلم بما كانوا عاملين» (٣). فلم يخُصُّوا بالسؤال طفلًا من طفل، ولم يَخُصَّ بالجواب، بل أطلق الجواب كما أطلقوا السؤال، ولو افترق الحال في الأطفال لفصَّل وفرَّق بينهم في الجواب.

وهؤلاء لو تأملوا ألفاظه وطُرَقه لأمسكوا عن هذا الاحتجاج، فإنَّ هذا الحديث روي من طرقٍ متعددةٍ:

فمنها حديث أبِي بِشْر، عن سعيد بن جُبَير، عن ابن عباس - رضي الله عنهما -: سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن أولاد المشركين ــ أو أطفال المشركين ــ فقال: «الله


(١) من قوله: «إلا بنص .. » إلى هنا سقط من المطبوع.
(٢) أي: القائلون بالتوقف في جميع الأطفال.
(٣) أخرجه البخاري (٦٥٩٩) ومسلم (٢٦٥٨/ ٢٤) من حديث معمر، عن همَّام بن منبِّه، عن أبي هريرة - رضي الله عنه -.