للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عِكرمة، عن ابن عباس - رضي الله عنهما -: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - في بعض مَغازيه، فسأله رجلٌ: ما تقول في اللَّاهين؟ فسكت عنه، فلمَّا فرغ من غزوة الطائف (١) إذا هو بصبيٍّ يبحث في الأرض، فأمر مُناديه فنادى: «أين السائل عن اللاهين؟»، فأقبل الرجل، فنهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن قتل الأطفال وقال: «الله أعلم بما كانوا عاملين».

فقوله: «الله أعلم بما كانوا عاملين» عقيبَ نهيه عن قتلهم يكشف لك المعنى ويوضِّحه، ويبيِّن أن الله سبحانه يعلم لو أدركوا ما كانوا يعملون، وأنتم لا تعلمون ذلك، فلعلَّ أحدهم إذا أدرك يعمل بطاعة الله ويكون مسلمًا، فهذا أحد الوجهين في جوابه - صلى الله عليه وسلم -.

والوجه الثاني: أنَّه خرج جوابًا لهم حين أخبرهم أنَّهم من آبائهم، فقالوا: بلا عمل؟ فقال: «الله أعلم بما كانوا عاملين»، كما في «السنن» (٢) من حديث عائشة - رضي الله عنها - قالت: قلت: يا رسول الله، ذراري المؤمنين؟ فقال: «من آبائهم»، فقلت: يا رسول الله، بلا عمل؟ قال: «الله أعلم بما كانوا عاملين»، قلت: يا رسول الله، فذراري المشركين؟ قال: «من آبائهم»، قلت: يا رسول الله، بلا عمل؟ قال: «الله أعلم بما كانوا عاملين».

ففي هذا الحديث ما يدلُّ على أنَّ الذين يُلحَقون بآبائهم منهم هم الذين


(١) كذا في الأصل، ومثله في «طريق الهجرتين» بخط المؤلف، وهو تصحيف عن «فلمَّا فرغ من غزوِه طافَ» أو «وطاف»، كما في مصادر التخريج.
(٢) «سنن أبي داود» (٤٧١٢) بإسناد جيِّد. وقد سبق (ص ٢١٣) تخريجه مطولًا.