للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من ذلك، لأنَّه إذا كان قد أنكر على من قتلها بلا ذنبٍ، فكيف يعذِّبها تبارك وتعالى بلا ذنبٍ؟

وهذا المعنى حقٌّ لا يُعارِض نصَّ القرآن، فإنَّه لم يخبر أن المَوءُودة في النار بلا ذنب، فهذا لا يفعله الله قطعًا، وإنَّما يُدخِلها النار بحجته التي يقيمها يومَ القيامة إذا ركَّب في الأطفال العقل وامتحنهم، وأخرجت المحنةُ منهم ما يستحقون به النار.

واحتجوا بما روى البخاري في «صحيحه» (١) في احتجاج الجنة والنار عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «وأمَّا النار فيُنشِئ الله لها خلقًا يُسكِنهم إيَّاها»، قالوا: فهؤلاء ينشؤون للنار بغير عمل، فلأن يدخلها من وُلد في الدنيا بين كافرَين أولى.

قال شيخنا (٢): وهذه حجةٌ باطلةٌ، فإنَّ هذه اللفظة وقعتْ غلَطًا من بعض الرواة، وبيَّنها البخاري رحمه الله تعالى في الحديث الآخر الذي هو الصواب، فقال في «صحيحه» (٣): حدثنا عبد الله بن محمد، حدثنا عبد الرزاق، حدثنا مَعمَر، عن هَمَّام، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال النبي


(١) برقم (٧٤٤٩) بلفظ: «إنه ينشئ للنار من يشاء فيُلقَون فيها»، وسيسوقه المؤلف بتمامه قريبًا. واللفظ المذكور هنا مروي بالمعنى حملًا على اللفظ المحفوظ من حديث أبي هريرة في الجنة وسيأتي قريبًا، وكذا حديث أنس بن مالك - رضي الله عنه - عند البخاري (٧٣٨٤) بنحوه.
(٢) انظر: «منهاج السنة» (٥/ ١٠١).
(٣) كتاب التفسير، باب قوله: {وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ}، برقم (٤٨٥٠). وأخرجه أيضًا مسلم (٢٨٤٦/ ٣٦) عن محمد بن رافع عن عبد الرزاق به.