للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قالوا: وأيضًا فإنَّما قال هذا قبل أن يوحى إليه في أمرهم، فلمَّا أوحي إليه أنَّهم في الجنة أخبر به أصحابه.

قلت: وهذا الجواب لا يصِحُّ، فإنَّه أخبر بهذا في حديث الأسود بن سريع وحديث أبي هريرة، وهما ممَّن تأخر إسلامه إلى بعد خيبر. وإنَّما الجواب الصحيح أن يقال: إنَّه - صلى الله عليه وسلم - لم يخبر بأنَّ الله يعذِّبهم على علمه فيهم، وإنَّما أخبر بأنَّه أعلم بما هم عاملون ممَّا يستحقُّون به العقاب، فإذا امتُحِنوا في الآخرة وعملوا بمعصيته ظهر معلومُه فيهم، فعاقبهم بما هم عاملون، لا بمجرَّد علمه.

قالوا: وأمَّا حديث خديجة - رضي الله عنها - أنَّهم في النار فلا يصِحُّ، وقد تقدَّم كلامُ الناس فيه (١).

وأمَّا حديث: «الوائدة والموءودة في النار» (٢)، فليس في الحديث أنَّ الموءودة لم تكن بالغةً، فلعلَّها وُئدت بعد بلوغها.

فإن قلتم: فلفظ الحديث: «يا رسول الله، إنَّ أُمَّنا وَأَدَتْ أختًا لنا في الجاهلية لم تبلُغ الحِنثَ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: الوائدة والموءودة في النار»، فقد قال أبو محمد بن حزم (٣): هذه اللفظة وهي قوله: «لم تبلغ الحنث»، ليست من كلام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بلا شكٍّ، ولكنَّها من كلام سَلَمة بن يزيد الجُعفِي وأخيه اللَّذَين سألا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. فلمَّا أخبر - صلى الله عليه وسلم - أنَّ الموءودة في


(١) (ص ٢٢٦ - ٢٢٧).
(٢) تقدَّم تخريجه (ص ٢٢٧ - ٢٢٩).
(٣) في «الفصل» (٤/ ٦٢ - ٦٣).