للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم روى من طريق أبي داود (١) عن الشعبي، عن علقمة، عن ابن مسعودٍ - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «الوائدة والموءودة في النار». ثم قال: هذا مختصر، وهو على ما ذكرنا أنَّه - صلى الله عليه وسلم - إنَّما عَنى بذلك التي (٢) بلَغَت، لا يجوز غير هذا.

قال (٣): وقد يُمكِن أن يَهِمَ فيه الشعبي، فإنَّه مرةً أرسله، ومرةً أسنده. ولا يخلو ضرورةً هذا الخبرُ من أنَّه وهمٌ أو أنَّ أصله مرسلٌ، كما رواه أبو داود (٤): حدثنا إبراهيم بن موسى، أخبرنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة، عن عامر الشعبي قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. أو أنَّه إن صحَّ عنه - صلى الله عليه وسلم - فإنَّما أراد به التي بلغت، لا يجوز غير ذلك.

قلت: وهذا الجواب في غاية الضعف، ولا يجوز أن ينسب إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنَّه سُئِل عن موءودة لم تبلغ الحنث، فأجاب (٥) عمَّن بلغت الحنث، بل إنَّما خرج جوابُه - صلى الله عليه وسلم - لنفس ما سئل عنه. فكيف ينسب إليه أنَّه ترك الجواب عمَّا سُئِل عنه، وأجاب عمَّا لم يُسأَل عنه مُوهِمًا أنَّه المسؤول عنه، ولم يُبيِّنه للسائل؟! هذا لا يُظَنُّ برسول الله - صلى الله عليه وسلم - أصلًا.


(١) وهو في «سننه» (٤٧١٧)، وقد تقدَّم تخريجه مفصَّلًا.
(٢) أٌقحمت هنا في الأصل: «لا» خطأً، أو أنها تحريف عن «قد»، وليست في مصدر المؤلف.
(٣) قول ابن حزمٍ هذا ليس في مطبوعة «الفصل»، ولا في نسخة مكتبة السليمانية الخطية المنسوخة سنة ٧٢٢ هـ (ق ٣٩٦)، فليُنظر.
(٤) برقم (٤٧١٧) أيضًا. وانظر: «علل الدارقطني» (٧٩٤).
(٥) في الأصل: «فيجب».