لوجب أن يُصلَّى عليهم إذا ماتوا، وأن يُدفَنوا في مقابر المسلمين، وأن يرثهم أقاربُهم المسلمون، وأن لا يمكَّن أبواهم من تهويدهم وتنصيرهم، إذ لا يجوز تمكين الكافر من تهويد المسلم وتنصيره. فدلَّ انتفاء هذا كلِّه على أنَّهم منهم في الدين وأنَّهم تبعٌ لهم فيه، كما أنَّ أطفال المسلمين منهم في الدين وأنَّهم تبعٌ لهم فيه.
قيل: هكذا نقول سواءً إذا لم يكن الطفل مع أبويه أو كافله مِن أقاربه، عملًا بمقتضى الفطرة والحنيفية التي خُلِقوا عليها.
وأمَّا إذا كان الطفل بين أبويه، فإنَّ الذي خلقه على الفطرة والحنيفية أقرَّ أبويه على تربيته وتهويده وتنصيره. وذلك لضرورة بقاء نوع الكفار في الأرض، إذ لو مُنِع من ذلك ــ فالآباء يموتون والأطفال يحكم لهم بحكم الإسلام ــ لانْقَطَع الكفرُ من الأرض، وكان الدين كلُّه دينَ الإسلام وبطل الجهاد. والحكمة الإلهية اقتضت أن يكون في الأرض الكفار والمسلمون، والأبرار والفجار، إلى أن يرث الله الأرض ومَن عليها.
وليس ترك الصلاة عليهم ما يوجب أن يكونوا كفارًا مخلَّدين، فالشهداء ــ وهم من أفاضل المسلمين ــ لا يصلى عليهم.
وأمَّا انقطاع التَّوَارُث بينهم وبين أقاربهم المسلمين فلا يقتضي أيضًا أن يكونوا كفارًا في أحكام الآخرة، فالعبد المسلم لا يرث ولا يورث. وكثيرٌ من العلماء يُورِّث المسلمَ مالَ المرتد إذا مات على رِدَّته، وهذا القول هو الصحيح، وهو اختيار شيخنا (١). وهذا معاذ بن جبل، ومعاوية بن أبي
(١) انظر: «الاختيارات» للبعلي (ص ٢٨٣) و «الفروع» (٨/ ٦٥).