وإذا لم تدخل في العهد كانت فيئًا للمسلمين. أمَّا على قول الجمهور الذين لا يُوجِبون قَسْمَ العَقار، فظاهر. وأمَّا على قول مَن يُوجِب قَسْمَه، فلأنَّ عين المستحقِّ غير معروف كسائر الأموال التي لا يُعرَف لها مالك معيَّن.
وأمَّا تقدير وجوب إبقائها، فهذا تقديرٌ لا حقيقةَ له، فإنَّ إيجاب إعطائهم معابدَ العَنْوَة لا وجهَ له، ولا أعلم به قائلًا، فلا يفرَّع عليه. وإنَّما الخِلاف في الجواز.
نعم، قد يقال في الأبناء إذا لم نقُلْ بدخولهم في عهد آبائهم، لأنَّ لهم شُبهةَ الأمان والعهد بخلاف الناقضين، فلو وجب لم يَجِب إلا ما تحقَّق أنَّه كان له، فإنَّ صاحب الحق لا يجب أن يعطى إلا ما عُرِف أنَّه حقُّه، وما وقع الشكُّ فيه على هذا التقدير فهو لبيت المال.
وأمَّا الموجودون الآن إذا لم يَصدُر منهم نقضُ عهدٍ فهم على الذِّمَّة، فإنَّ الصبيَّ يتبع أباه في الذمَّة وأهلَ داره من أهل الذِّمة، كما يتبع في الإسلام أباه وأهلَ داره من المسلمين، لأنَّ الصبيَّ لمَّا لم يكن مستقلًّا بنفسه جُعِل تابعًا لغيره في الإيمان والأمان. وعلى هذا جرَتْ سنَّةُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وخلفائه والمسلمين في إقرارهم صبيانَ أهل الكتاب بالعهد القديم من غير تجديد عقدٍ آخر.
وهذا الجواب حكمه فيما كان من معابدهم قديمًا قبل فتح المسلمين. أمَّا ما أُحِدث بعد ذلك فإنَّه يجب إزالته، ولا يمكَّنون من إحداث البِيَع والكنائس كما شَرَط عليهم عمرُ بن الخطاب - رضي الله عنه - في الشروط المشهورة عنه أن لا يجدِّدوا في مدائن الإسلام ولا فيما حولها كنيسةً ولا صومعةً ولا