للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

زالت عن الإسلام وأهله بذلك؟! بحيث إنَّهم إذا تَعِبوا وقاسَوا الكُلفة والمشقَّة في التعلية مُنعوا من ذلك، فإذا تعب فيه المسلم وصَلِي بحرِّه جازت لهم السكنى وزالت مفسدة التعلية! ولا يخفى على العاقل المُنصِف فساد ذلك.

ثمَّ كيف يستقيم القول به على أصول من يحرِّم الحِيَل، فيمنعه من تعلية البناء، فإذا باع الدار لمسلم ثمَّ اشتراها منه جاز له سُكناها وزالتْ بذلك مفسدة التعلية؟!

ولأنَّهم إذا مُنِعوا من مُساواة المسلمين في لباسهم وزيِّهم ومراكبهم وشعورهم وكناهم، فكيف يمكَّنون من مساواتهم بل من العلو عليهم في دُورهم ومساكنهم؟!

وطردُ قولِ من جوَّز سكنى الدار العالية إذا ملكوها من مسلم: أن يجوِّز لباس الثياب التي مُنعوا منها إذا ملكوها من مسلم، وإنَّما يُمنَعون ممَّا نسجوه واستنسجوه؛ وهذا لا معنى له.

والعجب أنَّهم احتجُّوا لأحد الوجهين في منع المساواة بأنَّهم ممنوعون من مساواة المسلمين في الزيِّ واللباس والركوب، ثم يجوِّزون علوَّهم فوق رؤوس المسلمين بشِرَى الدور العالية منهم، وقد صرَّح المانعون بأنَّ المنع من التعلية المذكورة من حقوق الدين لا من حقوق الجيران.

وهذا فرعٌ تلقَّاه أصحاب الشافعي عن نصِّه في «الإملاء» بإقرارهم على ملك الدار العالية، وتلقَّاه أصحاب أحمد عنهم، ولم أجد لأحمد بعد طول التفتيش نصًّا بجواز تملك الدار العالية فضلًا عن سكناها، ونصوصه وأصول