للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المشترك ــ والمرورُ فيه عارضٌ ــ فأُزِيلوا منه إلى أضيقه وأسفله، كما صحَّ عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «إذا لقيتموهم في طريقٍ اضطَرُّوهم إلى أضيقه» (١) = فكيف يمكَّنون أن يعلوا في السكنى الدائمة رقابَ المسلمين؟ هذا ممَّا تدفعه أصول الشرع وقواعده.

وقول بعض أصحاب أحمد والشافعي: إنَّهم إذا ملكوا دارًا عاليةً من مسلم لم يجب نقضُها، إن أرادوا به أنَّه لا يمتنع ثبوت ملكهم عليها فصحيح.

وإن أرادوا به أنَّهم لا يُمنَعون من سكناها فوق رقاب المسلمين ــ وقد صرَّح به الشيخ في «المغني» وصرَّح به أصحاب الشافعي (٢)، ولكن الذي نصَّ عليه في «الإملاء» (٣) أنَّه إذا ملكها بشِرًى أو هبةٍ أو غير ذلك أُقِرَّ عليها، ولم يصرِّح بجواز سكناها ــ فهو (٤) في غاية الإشكال. وتعليلُهم واحتجاجهم بما حكيناه عنهم يدل على منع السكنى. وهذا هو الصواب، فإنَّ المفسدة في العلو ليست في نفس البناء، وإنَّما هي في السكنى. ومعلومٌ أنَّه إذا بناها المسلم وباعهم إيَّاها فقد أراحهم من كلفة البناء ومشقَّته وغرامته، ومكَّنهم من سكناها وعلوِّهم على رقاب المسلمين هنيئًا مريًّا. فيا لله العجب! أي مفسدةٍ


(١) أخرجه مسلم (٢١٦٧) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.
(٢) انظر: «المغني» (١٣/ ٢٤٢) و «نهاية المطلب» (١٨/ ٥٢ - ٥٣).
(٣) كتاب «الإملاء» في حكم المفقود، وانظر نحوه في «البيان» للعمراني (١٢/ ٢٧٩).
(٤) في الأصل: «وهو»، والمثبت مقتضى السياق، لكونه جواب «وإن أرادوا به أنَّهم لا يمنعون من سكناها».