للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال (١): وسألته مرةً أخرى قلت: إنْ أحيا رجلٌ من أهل الذمة مواتًا؟ قال: هو عشر. وقال مرةً: ليس عليه شيء.

وبهذا قالت الحنفية وأكثر المالكية (٢). وذهب بعض أصحاب أحمد إلى المنع (٣)، منهم أبو عبد الله بن حامدٍ أخذًا من امتناع شُفْعَته على المسلم بجامع التمليك لما يخصُّ المسلمين.

وفرَّق الأصحاب بينهما بأنَّ الشفعة تتضمَّن انتزاع ملك المسلم منه قهرًا، والإحياء لا يُنزَع به أحدٌ (٤).

والقول بالمنع مذهب الشافعية وأهل الظاهر وأبي الحسن بن القصَّار من المالكية (٥). وهو مذهب عبد الله بن المبارك إلا أن يأذن له الإمام.

واحتجَّ هؤلاء بأمور، منها: قوله - صلى الله عليه وسلم -: «مَوَتانُ الأرضِ لله ولرسوله ثمَّ هي لكم» (٦)، فأضاف عموم الموات إلى المسلمين، فلم يَبْقَ فيه شيء للكفار.

ومنها: أنَّ ذلك من حقوق الدار، والدار للمسلمين.


(١) ليس في مطبوعة «الجامع». وقد نقله عن حرب أيضًا شيخ الإسلام في «الاقتضاء» (٢/ ٣٥).
(٢) انظر: «الاختيار لتعليل المختار» (٣/ ٦٧) و «النوادر والزيادات» (١٠/ ٥٠٤).
(٣) انظر: «المغني» (٨/ ١٤٨) و «الإنصاف» (١٦/ ٨٣).
(٤) أي: ملكُ أحدٍ.
(٥) انظر: «الأم» (٥/ ٢٣)، و «المحلى» (٨/ ٢٤٣)، و «التبصرة» للخمي (٧/ ٣٢٩٠).
(٦) انظر: «نهاية المطلب» (٨/ ٢٨١) و «المغني» (٨/ ١٤٨)، وسيأتي أنه لا يوجد حديث بهذا اللفظ.