للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومنها: أنَّ إضافة الأرض إلى المسلم، إمَّا إضافةُ ملك وإمَّا إضافةُ تخصيص، وعلى التقديرين فتملُّك الكافر بالإحياء ممتنعٌ.

وبأنَّ المسلم إذا لم يملك بالإحياء في أرض (١) الكفار المُصالَح عليها، فأحرى أن لا يملك الذميُّ في أرض الإسلام.

واحتجَّ الآخرون (٢) بعموم قوله - صلى الله عليه وسلم -: «من أحيا أرضًا ميتةً فهي له» (٣).

وبأنَّ الإحياء من أسباب الملك، فمَلَك به الذميُّ كسائر أسبابه.

قالوا: وأمَّا الحديث الذي ذكرتموه: «موتان الأرض لله ورسوله»، فلا يُعرَف في شيء من كتب الحديث، وإنما لفظه: «عاديُّ الأرض لله ورسوله ثم هو لكم» (٤)، مع أنَّه مرسلٌ.


(١) في الأصل: «الأرض»، خطأ.
(٢) كصاحب «المغني» (٨/ ١٤٩)، والمؤلف صادر عنه في بعض أوجه الاحتجاج.
(٣) أخرجه مالك في «الموطأ» (٢١٦٦، ٢١٦٧) عن هشام بن عروة عن أبيه مرسلًا، وعن الزهري عن سالم عن أبيه عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - موقوفًا، والموقوف علَّقه البخاري في المزارعة (باب من أحيا أرضًا مواتًا) بصيغة الجزم.

وروي مسندًا موصولًا من وجوه، أشبهها: هشام بن عروة، عن وهب بن كيسان، عن جابر - رضي الله عنه -. أخرجه أحمد (١٤٢٧١) والترمذي (١٣٧٩) والنسائي في «الكبرى» (٥٧٢٥، ٥٧٢٦) وابن حبان (٥٢٠٥) وغيرهم مِن طُرُق عن هشام به. قال الترمذي: حديث حسن صحيح. وقال الدارقطني في «العلل» (٣٢٧٩): يُشبه أن يكون محفوظًا. وانظر: «العلل» أيضًا (٦٦٥، ٣٤٦٠)، و «إرواء الغليل» (١٥٢٠، ١٥٥٠)، و «أنيس الساري» (٥٣٨٧).
(٤) أخرجه الشافعي في «الأم» (٥/ ٨٨) ويحيى بن آدم في «الخراج» (٢٦٩) وأبو عبيد في «الأموال» (٦٨٨) وابن زنجويه (١٠٠٨) وعلي بن حرب الطائي في «حديث سفيان بن عيينة» ــ كما في «الإيماء إلى زوائد الأجزاء» (٧٠١٢) ــ والبيهقي (٦/ ١٤٣) من طرق عن طاوس مرسلًا. وتمامه: «فمن أحيا شيئًا من موتان الأرض فهو أحقُّ به» لفظ يحيى بن آدم.
وفي بعض الطرق عند البيهقي (٧/ ١٤٣): عن طاوس عن ابن عباس موقوفًا، وفي بعضها: عن طاوس عن ابن عباس مرفوعًا متصلًا. والمرسل الصواب.
وعاديُّ الأرض: ما تقادم ملكه، فلا يُعرف له مالك اليوم، نسبةً إلى قوم عادٍ لقِدَمهم.