للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

و (محمَّد عبده) وإن لم يُصَرِّح هو بأنَّ هذا التَّعطيلَ مَوقفٌ علميُّ له؛ إذْ يَعزو ذلك للعلماء بتعبيرِه، إلَاّ أنَّ ظاهرَ طريقتِه يُفْهِم ذلك؛ فإنَّه جَعلَ للقولِ بأنَّ رفعَ عيسى عليه السلام كان بروحِه دون جسدِه تخريجَين، مَفادُ الأوَّل منهما في:

المعارضِ الأوَّل: إنَّ أحاديث هذا الباب «آحادٌ متعلقٌّ بأمرٍ اعتقاديٍّ؛ لأنَّه مِن أمور الغَيب، والأمور الاعتقاديَّة لا يُؤخذ فيها إلَّا بالقطعيِّ، لأنَّ المطلوب فيها هو اليقين، وليس في الباب حديث متواترٌ» (١).

وهذا ما تبعه فيه أحمد المَراغي (ت ١٣٧١ هـ) (٢) حين زَعم «أنَّ هذه الأحاديث لم تبلغ درجةَ الأحاديث المتواترة الَّتي تُوجِب على المسلم عقيدةً، والعقيدة لا تجب إلَّا بنصٍّ من القرآن أو بحديث متواتر .. وعلى ذلك فلا يجِب على المسلمِ أن يعتقد أنَّ عيسى عليه السلام حَيٌّ بجسمِه وروحِه» (٣).

وكان ممَّن صرَّح بإنكارِ رفعِ المَسيحِ ونزولِه محمَّد شلتوت (ت ١٣٨٣ هـ)، فقد غَالَطَ هذا الحقائق وأنكر البَدَهِيَّات من عقدِ أهل السُّنة؛ من ذلك ما تراه في:

المعارضِ الثَّاني: حيث زَعَمَ أنْ ليس في القرآن «مُستَندٌ يَصْلح لتكوينِ عقيدةٍ يطمئنُّ إليها القلب بأنَّ عيسى رُفِع بجسمِه إلى السَّماء، وأنَّه حَيٌّ إلى الآن فيها، وأنَّه سينزل منها آخر الزَّمانِ إلى الأرض» (٤).


(١) «تفسير المنار» (٣/ ٢٦١).
(٢) أحمد بن مصطفى المراغي: فقيه ومفسر مصري، تخرج بدار العلوم سنة ١٩٠٩ م، ثم كان مدرَّس الشريعة الإسلامية بها، وولي نظارة بعض المدارس، وعُين أستاذا للعربية والشريعة الإسلامية بكلية (غوردون) بالخرطوم، وتوفي بالقاهرة، من مؤلفاته: (الحسبة في الإسلام)، و (الوجيز في أصول الفقه) مجلدان، و (تفسير المراغي)، انظر «الأعلام» للزركلي (١/ ٢٥٨).
(٣) «مجلة الرسالة» (ص/١١)، العدد (٥١٩)، بتاريخ: ١٤/ ٠٦/١٩٤٣.
(٤) مقال بعنوان «نزول عيسى عليه السلام» لمحمد شلتوت، في «مجلة الرسالة» (ص/٤) العدد (٥١٤)، بتاريخ: ١٠/ ٠٥/١٩٤٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>