للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثمَّ محمَّد بن الحسين الآبُرِيّ (١)؛ فقد قال في كتابه «مَناقب الشَّافعي»: «قد تواترت الأَخبار واستفاضت بكثرة رواتها عن المصطفى صلى الله عليه وسلم .. أنَّه يخرج عيسى ابن مريم، فيساعده -يعني محمد المهديَّ- على قتل الدَّجال بباب لُدّ بأرض فلسطين، وأنه يؤمُّ هذه الأمَّة، وعيسى عليه السلام يُصلِّي خَلْفَه» (٢).

وكذا أبو الوليد ابن رشد القرطبيُّ (ت ٥٩٥ هـ)، حيث قال عنه: «لا بُدَّ من نزوله لتواتر الأَحاديث» (٣).

ثمَّ أبو الفداء ابن كثير (ت ٧٧٤ هـ)؛ حيث ساقَ الأَحاديث المُثْبِتَةَ لنزوله عليه السلام، وقال: «فهذه أحاديثُ متواترةٌ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم» (٤).

وعلى ثبوتِ أحاديث النُّزول وبلوغِها مقامَ القطع في دلالتِها، جَرَت أَقاويل الأئمَّةِ على نَظمِ مَضمونِ تلك الأحاديث في أحرُفِ الاعتقادِ:

تجده -مثلً- عند أحمد بن حنبل في قوله: «والدَّجالُ خارجٌ في هذه الأمَّة لا محالة، وينزل عيسى ابن مريم عليه السلام، ويقتله ببابِ لُدٍّ» (٥).

وقول أبي القاسم الأَصبهاني -الملقَّب بقوَّام السُّنة-: «وأَهل السُّنة يؤمنون بنزول عيسى عليه السلام» (٦).

وقولِ القاضي عياض: «نزول عيسى المسيح وقتله الدَّجَّالَ حقٌّ صحيح عند أهل السُّنة؛ لصحيح الآثار الواردة في ذلك؛ ولأنَّه لم يَرِدْ ما يُبطِلُه ويضعِّفُه» (٧).


(١) محمد بن الحسين بن إبراهيم بن عاصم أبو الحسنين، وقيل: أبو الحسين السجستاني الآبري، الشافعي، أحد الأئمة الحُفّاظ، من كتبه «مناقب الشافعي»، توفي سنة (٣٦٣ هـ)، انظر «سير أعلام النبلاء» (١٦/ ٢٩٩)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (٣/ ١٤٩).
(٢) نقل هذا النَّص عنه غير واحد من أهل العلم، منهم المزِّي في «تهذيب الكمال» للمزي (٢٥/ ١٤٩)، وابن حجر في «فتح الباري» (٦/ ٤٩٣).
(٣) نقله عنه الأُبِّي، كما في «إِكمال إكمال المُعلم» (١/ ٤٤٥).
(٤) «تفسير القرآن العظيم» (٢/ ٤٦٤).
(٥) «طبقات الحنابلة» لابن أبي يعلى (٢/ ١٦٩).
(٦) «الحجة في بيان المحجة» (٢/ ٤٦٣).
(٧) «إكمال المعلم» (٨/ ٤٩٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>